2023/12/03
436
...كالعاده كانت الجده تجلس كل مساء في حديقة المنزل الخلفيه وعلى
كرسيها الخشبي لتراقب النجوم والقمر
تضع على كتفها وشاحها المخملي
هادئه .....صامته ....لم تكن تهتم للاجواء
ولا ماكان يدور من حولها
جل همها هو ذلك الحديث المبهم بينها وبين السماء
وفي أحد الايام قرر الأحفاد الجلوس بجوار الجده بعد نقاش طويل بينهم
لسؤالها عن سبب مواضبتها على تلك الجلسة الهادئه
....صمتت الجدة لبرهه .. ثم أجابت ....
....انها كانت تستمع لذلك الحديث الصامت بين النجمة والقمر
..... دهش الاحفاد ......
ومن هنا بدأت الاسئله
اي نجمه..... النجوم كثيرة في السماء
وكيف علمتي بالحديث ان كان صامتاً
وماذا يقولان ....منذ متى وهما يتحدثان
مانوع الحديث
وووو...والكثير من الاسئله
حتى قاطعتهم الجده بابتسامه قائلةً .....
.......فقط توقفوا عن الكلام
....انها اسطوره قديمه سوف ارويها لكم ....
وهنا عم الهدوء فجأه وجلس الجميع للاستماع
....الجده .....في احد الأزمان القديمه جدا جدا ...كانت هناك اسطوره
...تتحدث عن اثنين التقيا صدفه
جمعهما القدر ليرويا قصة حب جميله
كانت بين نجمة الزهره والقمر
كان القمر يدور في فلكه مثل كل يوم مارا بالعديد من النجوم
حتى التقى ذات يوم بالزهره
وهنا.....وكأن الكون قد توقف عندها
...لم يعرف ماذا يفعل
كان يدور من حولها ...يراقبها ...يجذبه لمعانها كانت مميزه اختارها من
بين ملايين النجوم .....
حتى هيه ....كانت قريبة منه
وجودها بقربه يجعل القمر مختلف
جميل كان لظهوره وقع اخر في قلب الزهره
.....وكانها كانت تشرق بنوره
شيئا فشيأً أصبحت قلوبهما تألف على بعض
جمعهما ذلك الحب العظيم
كانت الزهرة تنتظره كل يوم تتبع نوره أينما ذهب وكانها ظله
والقمر كان يتبعها بعينيه أينما ذهبت
كانا حديث كل الكواكب والمجرات
حبهما كان نادرا
لم تعرف السماء مثله سابقا ....
كانت الزهره قريبة جدا من القمر....تحملت تقلبات مزاجه
كثيرا
تصبر على ايام اختفائه ....وتفرح عند عودته ليبدأ برسم ابتسامة
السماء
جمعهما الفرح والحزن....
جمعتهما المشاعر كان الاثنان يفهمان بماذا ينبض قلب الاخر
يهمسان بمشاعرهما لبعض
بقيت الزهرة قريبة من القمر لسنوات طوال
وكلما ابتعد او اختفى القمر
...تكسر قطعة من قلب الزهره
دائما هناك نغزة في القلب
وعندما يعود ....تبدأ الزهرة بلملمة الجراح وتضميدها ولكن يبقى القلب
فاقدا لقطعة صغيرة منه
وتعود السماء منيرة بضحكاتهما وحبهما الاسطوري
تمنت الزهرة من القمر ان يخطي خطوته الأولى نحوها ....إن يكسر ذلك
الحاجز اللعين الذي يباعد بين حبهما
استمرت الزهره في اعطاء الكثير من الفرص
ولكن كانت النتيجة ان قلبها فقد الكثير من القطع .....تمزق ....تعب
....لم يعد يتحمل تقلبات مزاج القمر
لم يكن يبالي بمشاعرها .....تجاهل الامها ....
لم ينتبه انها أصبحت بعيدة عنه
لم يغير طباعه معها ...
أصبح جرحها كبيرا ....ولكنها رغم ذلك صمتت وتجاهلت اخفت دموعها
بابتسامتها الدائمه في وجه القمر
رغم الاذى لم تستطع ان تفارق القمر
ادمنت حبه عشقته بكل جوارحها
ولكنها تعبت من الانتظار ومن اهماله لمشاعرها
كان يضن انها أصبحت ملكه....وانها لن تفارقه حتى وان تجاهل
مشاعرها
ومهما فعل ستبقى بقربه إلى الأبد وتحت تصرفه
ولكن الزهرة كان لها رأي آخر
فاجأته بخطوة لم يكن يتوقعها
ابتعدت...لم تعد تتحمل تقلبات مزاجه
لم يكن واضحا معها ....
له الكثير من الوجوه
لم يتمسك بها رغم حبه لها وهو يعلم
من بين كل النجوم هيه الوحيدة التي احبته بصدق
وهيه الوحيده التي نبض قلبه لها
والتي انار السماء لأجلها ....
ورغم ذلك فضلت الزهرة ان تحب القمر بصمت رغم اذاه لها وحبست دموعها
لتثبت للجميع انها لاتزال قويةً رغم الألم
ومع ذلك بقيت تراقب القمر من بعيد
على أمل أن يجمعهما القدر في يوم ما
وان يعيشا معا والى الابد
.....والان يا أطفال مارأيكم بالقصه
اجابها أحدهم.....
جدتي ....وكأنك كنتي تقصين علينا قصة حدثت بالفعل وانها لم تكن قصة
اسطوريه
.....جدتي ...هل كانت القصه لكي ....
ابتسمت الجده ومن دون أن تقول كلمة واحده ...ثم أعادت النظر الى
السماء
....حسنا ياجدتي ....اتمنى ان يجمع الله بينهما قريبا
الجميل في الأمر.....إن للزهرة قلبا يؤمن بأن الله قادر على فعل
المعجزات
الجده .....ونعم بالله.....
إبتلينا بحنين لا يعرف آداب الزيارة
يأتي ويذهب وقت ما يشاء
...ويبقى في القلب.. أشخاص ...
لا يقدر الزمان ولا المكان أن يغير موقعهم
....وهنا قرر الأحفاد ترك الجده قليلا لاكمال حديثها الجميل الصامت مع
القمر
دائما ....هنالك في الحياة امل ...
من فقد الأمل...فقد الحياة .....
.........انتهت .......
بقلمي هديل احسان