
جاسم الشمري
أحداث عالمية مُتسارعة وقعت خلال الأيام القليلة الماضية تُؤكّد أن غزّة انتصرت، وأنها جَنَت بعض ثمار صبرها النادر في مواجهة الوحشية «الإسرائيلية»!.
الحدث الأبرز تمثّل بما قالته القناة 12 العبرية، الأحد الماضي، حيث صادق مجلس الوزراء «الإسرائيلي» على إدخال المساعدات الإنسانية لغزّة بشكل فوري، وعبر المؤسسات الدولية!.
ويأتي هذا القرار «المفاجئ» بعد ساعات من إطلاق «إسرائيل» لعملية (عربات جدعون) والهادفة لتحقيق حَسْم عسكري وسياسي في غزّة، ولإرغام المقاومة الفلسطينية على الاستسلام وتفكيك بنيتها التحتية والقبول بتبادل الأسرى!.
ورغم أن قادة «إسرائيل» يقولون إن المساعدات مؤقتة ولأسبوع واحد فقط لكن المعطيات السياسية تؤكّد أن الأمر جاء بعد الهزيمة الدبلوماسية «لإسرائيل» في المنطقة والعالم، وخصوصا في القارة الأوروبية والبيت الأبيض.
لقد أثبتت المراحل الماضية أن «إسرائيل» حاولت، مرارا، حَسْم المعركة بقوة السلاح والنيران الكثيفة، والضربات العشوائية، والأسلحة غير التقليدية إلا أن صلابة الفلسطينيين أفشلت مشاريعها الاقتلاعية والتهجيرية والإقصائية والانتقامية.
ولقد وصل الحقد «الإسرائيلي» والاستخفاف بالقوانين الدولية والإنسانية لمراحل نادرة، وذكر عضو الكنيست «تسفي سوكوت» على القناة 12 العبرية، الأحد الماضي:»الليلة الماضية قُتل نحو 100 فلسطيني في غزّة، ومع ذلك، لم يَطْرَح أحد في النقاش سؤالاً واحداً عن غزّة! هل تعرف لماذا؟ لأن الأمر لم يَعُد يُثير اهتمام أحد! الجميع اعتاد على حقيقة أننا نستطيع قتل 100 فلسطيني في ليلة واحدة، ولا أحد في العالم يكترث»!.
هذا الاستخفاف بالإنسان الفلسطيني والقوانين الدولية يؤكّد الروح الانتقامية والسوداوية داخل المؤسسات المدنية والعسكرية «الإسرائيلية»، ويُثْبِت حيرة قادة الاحتلال وضياعهم في كيفية التعامل مع صبر أهالي غزّة وجلادتهم وتحديهم وتضحياتهم التي لم نسمع بمثلها إلا في العهود النادرة والسامية.
ونحاول إثبات الهزيمة الدبلوماسية «الإسرائيلية»، والحقيقة هنالك عشرات الأدلة على تلك الهزيمة، وأبرزها:
- تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نهاية الأسبوع الماضي، بأن بنيامين نتنياهو أمام وضع صعب، ويُواجه مشاكل، والناس في غزّة يموتون جوعا، ولقد بدأت العمل على هذه المسألة. إنها مشكلة عميقة، لكننا سنحلها».
- دعوة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، منتصف الشهر الحالي، إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في غزّة، وإدخال المساعدات الإنسانية، واصفاً الوضع بأنه «كارثي».
- مطالبة سبع دول أوروبية «إسرائيل»، يوم 16 أيار/ مايو الجاري، برفع الحصار وإنهاء «الإبادة» بغزّة، وحذروا من «موت الغزيين جوعا». وأكد قادة إسبانيا والنرويج وآيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا وسلوفينيا «لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية التي تجري أمام أعيننا في غزّة».
- المظاهرات العالمية الرافضة للجرائم «الإسرائيلية» في غزّة، الجمعة الماضية، في عدة مدن أوروبية ومنها لندن، وبرلين، وأوسلو، و(18) مدينة هولندية، والعاصمة الأندونيسية جاكرتا، وتونس وغيرها.
- مطالبة الدول العربية في ختام قمة بغداد العربية، السبت الماضي، بإنهاء الحصار الظالم على القطاع.
- تظاهر عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي ونواب إيطاليين، الأحد الماضي، أمام معبر رفح الحدودي، للمطالبة بوقف «حرب غزّة وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع».
- إعلان قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، الاثنين الماضي، بأنهم «سيتخذون إجراءات» إذا لم توقف «إسرائيل» حربها في غزّة، وأنهم قرروا «الاعتراف معا بدولة فلسطين».
- توافق غالبية دول الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء الماضي، على مراجعة اتفاقية الشراكة مع «إسرائيل»، ومطالبة وزراء خارجية (22) دولة، «إسرائيل» بدخول المساعدات «بشكل فوري» لغزّة.
- وداخليا، تستمر المظاهرات المعارضة لحكومة نتنياهو من أهالي الأسرى الصهاينة.
- تأكيد رئيس الوزراء «الإسرائيلي» السابق إيهود باراك، السبت الماضي، أن «إسقاط حكومة نتنياهو بالعصيان المدني ضروري»!
هذه الأدلة وغيرها الكثير تؤكد عزلة نتنياهو وحكومته، والمعارضة الدولية لسياساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني الصامد.
وليلة أمس أُرغمت «إسرائيل» على إدخال المساعدات لغزّة الصابرة.
فهل هنالك هزيمة دبلوماسية «لإسرائيل» أكبر من هذه الهزيمة التي لم ترَ مثلها منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم؟