قراءة من واقع الصحف العراقية ما وراء مشروع قانون قانون الحشد الجديد

2025/07/23

266
لندن – خاص
يشهد البرلمان العراقي نقاشًا حادًا بشأن مشروع قانون جديد ينظّم
"هيئة الحشد الشعبي" ويمنحها وضعًا مؤسسيًا مستقلًا ضمن القوات
المسلحة، دون أن تكون تابعة لأي من وزارتي الدفاع أو الداخلية.
المشروع، الذي أُجريت له القراءة الثانية مؤخرًا، يمنح رئيس الهيئة –
حاليًا فالح الفياض – درجة وزير وصلاحيات واسعة بما في ذلك عضوية
اللجنة الوزارية للأمن القومي، مع إمكانية بقائه في المنصب بغض النظر
عن السن القانوني، مما يثير اعتراضات واسعة داخل وخارج البرلمان.
وبقراءة في الصحف العراقية الصادرة خلال الأيام الأخيرة بات واضحا أن
عدد من الكتل من السنية أو الأكراد تتحفظ على المشروع، كما تبدي أطراف
شيعية، أبرزها التيار الصدري، تحفظًا شديدًا. مقتدى الصدر يطالب بدمج
الحشد داخل مؤسسات الدولة، ويُعتقد أن موقفه مدعوم من مرجعية النجف،
خصوصًا في ضوء دعوات السيستاني الأخيرة لـ"حصر السلاح". بعض الكتل
تسعى لتفصيل القانون بما يخدم مصالحها، بينما ترى فيه فصائل أخرى
وسيلة لتثبيت شرعية "المجاهدين" ودورهم الأمني المستقل.
وتشير بعض من الصحف العراقية إلى أن بقاء الفياض يمثل نقطة خلاف
رئيسية، إذ تشير تقارير إلى أن الحكومة سحبت مشروعًا سابقًا لتحديد سن
تقاعده بضغوط منه وبدعم إيراني. هذا يعزز القلق من أن القانون قد
يُستخدم لضمان استمرار نفوذ طهران داخل الأجهزة الأمنية، وهو ما يثير
تحفظات الولايات المتحدة التي اعتبرت المشروع "شرعنة لجماعات مسلحة"
استهدفت مصالحها وقتلت جنودًا أميركيين.
المسودة
المسودة الحالية للقانون تمنع عناصر الحشد من الانتماء لأحزاب سياسية،
لكنها لا تقدم ضمانات واضحة لتطبيق ذلك. كما تصف الحشد بأنه كيان
مجاهد دون توضيح هيكلي واضح أو تحديد لعدد عناصره ورواتبهم، مع وعود
بتجهيزه بأحدث التقنيات وإشراكه في تقديم المشورة الأمنية.
في حال تمرير القانون بصيغته الحالية، سيتعزز وضع الحشد كقوة موازية
للجيش، وسيُغلق الباب أمام أي سيناريوهات مستقبلية لدمجه ضمن مؤسسات
الدولة، ما يعني تكريس حالة الدولة داخل الدولة، ويخدم بالدرجة الأولى
مصالح إيران في العراق، وقد يُقوّي نموذج "حزب الله" اللبناني الذي
يمر بتجربة مشابهة.
السيناريو المتوقع هو أن تستمر المساومات داخل البرلمان، مع محاولات
لتجنب استفزاز الصدر قبل الانتخابات، خصوصًا في ظل إشارات عن نية
تياره خوض السباق بقائمة مستقلة. رغم الاعتراضات، فإن عدد الأصوات
المطلوب لتمرير القانون (165 نائبًا) يمكن تأمينه بسهولة، ما لم تحدث
مفاجآت سياسية أو ضغوط خارجية فعّالة.
من المرجّح أن تمرير القانون دون تعديل سيُعمّق الانقسام السياسي،
ويؤثر على علاقات بغداد مع واشنطن، ويقوّض فرص بناء مؤسسة أمنية
موحّدة. لذلك، تبدو الحاجة ملحّة لمراجعة المسودة وضمان دمج الحشد ضمن
مؤسسات الدولة بشكل منظم، ووضع ضوابط واضحة لمنع احتكار المنصب
واستغلاله سياسيًا.