إيران وضرورة إعادة التموضع في الشرق الأوسط: قراءة تحليلية
2025/07/03
 
48



لندن – خاص 
تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جذرية في موازين القوى والتوازنات السياسية، ما يحتم على جميع الدول المعنية مراجعة سياساتها بما يتناسب مع هذه المتغيرات لضمان استقرار المنطقة وأمنها. في هذا السياق، برزت الحاجة الملحة لإعادة تموضع إيران في الساحة الإقليمية، خصوصًا بعد سنوات من التوترات السياسية والصراعات التي أثرت سلبًا على استقرار المنطقة.
يرى كثير من المحللين أن اختلال التوازن في الشرق الأوسط كان أحد الأسباب الرئيسية وراء العديد من الأزمات الإقليمية. فقد أدت التدخلات الخارجية، لا سيما احتلال العراق عام 2003، إلى خلخلة المعادلات السياسية والجغرافية، ما خلق فراغًا استغلت إيران لاستثماره في توسيع نفوذها. ومع ذلك، تشير تحليلات عدة، منها مقال وزير التخطيط العراقي السابق سلمان الجميلي في صحيفة الزمان أخيرا ، والذي قال فيه وأشار إلى أن هذا التوسع لم يأتِ من دون تداعيات سلبية على الاستقرار الإقليمي، حيث اتجهت إيران نحو التمدد عبر أذرعها السياسية والعسكرية في دول الجوار، مما زاد من حالة عدم الاستقرار وأضر بمصالحها على المدى الطويل.
في ظل هذه الخلفية، تبرز أهمية إعادة النظر في استراتيجية إيران الخارجية، وضرورة تبني سياسات أكثر واقعية تعتمد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وهو ما أكده الجميلي في مقاله الذي دعا فيه إيران إلى التخلي عن مشاريع الهيمنة والتمدد، والتركيز على بناء علاقات ثقافية وتجارية ودينية تقوم على الثقة والاحترام المتبادل مع دول الجوار.
علاوة على ذلك، تؤكد التطورات الأخيرة في المنطقة على أن دول الخليج والشرق الأوسط عامةً تبدي رغبة في التهدئة والحوار، شرط أن تكون إيران شريكًا فاعلًا يسهم في تحقيق الاستقرار بدلاً من تعزيز الانقسامات الطائفية والمذهبية. وهذا يتطلب من طهران مراجعة شاملة لسياساتها، بما يتلاءم مع البيئة الإقليمية والدولية المتغيرة، ويعزز بناء منظومة أمنية شاملة تحمي مصالح الجميع وتحقق التوازن المطلوب.
إن الطريق نحو استقرار دائم في الشرق الأوسط يمر عبر تحوّل إيران من دولة تسعى لفرض نفوذها بالقوة والتدخل في شؤون الآخرين، إلى دولة تحترم السيادة الوطنية وتلتزم بالشراكة المبنية على المصالح المتبادلة. هذا التحول هو الأساس الذي يمكن من خلاله مواجهة التحديات المشتركة، سواء المتعلقة بالصراعات الإقليمية أو التهديدات الأمنية العالمية، بما يعزز أمن المنطقة ويضمن سلامتها.
في الختام، يمكن القول إن إعادة تموضع إيران ليست خيارًا بل ضرورة استراتيجية فرضتها المتغيرات الإقليمية والدولية، ويتطلب ذلك قرارًا سياديًا جريئًا يعيد رسم مستقبل العلاقة بين إيران وجيرانها بما يخدم الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط.
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟