كيف تحصل على الرئاسة بالمال؟!
2024/01/18
473
ضياء المياح
كيف يحصل شخص ما على منصب رفيع هو يعرف والآخرين جميعهم يعرفون أنه لا يستحقه ولا يملك متطلبات المنصب باعتباره منصبا حيويا. فرئيس مجلس الإدارة لشركة كبيرة أسمها سيد الأرض وعدد المساهمين فيها يزيد على الأربعين مليون يجب أن يكون أهلا لهذا المنصب، لاسيما إن لهذه الشركة أسما وتاريخا لا تملكه بقية الشركات في المنطقة والعالم ولها مصادر أموال يصعب حصرها وهي مطمع الشركات الأخرى.
المشكلة في هذا المجلس إن معظم الموجودين في المجلس يتنافسون للحصول على غنائم وامتيازات من هذه الشركة لهم ولعوائلهم وللجهات الساندة لهم والتي اوصلتهم إلى مقاعد مجلس الإدارة. لهذا فجميع أعضاءه لا يثقون ببعضهم وكل منهم بنظر الآخر هو خائن أو عميل لشركات أخرى في المنطقة والعالم. ويتوقع منه الغدر والخيانة في اية لحظة. وهذا ما يوجب على عضو مجلس الإدارة أن يكون يقظا ومستعدا لمواجهة غدر الزميل والشريك. كانت الشركة خاسرة ومتهالكة يوم استلموا إدارتها فزادوها تهالكا حتى باتت خربة لكنها ما زالت مطمع لجميع الأعضاء والشركات الداعمة لهم والشركات الأخرى المنافسة.
ورغم أن معظم المستثمرين هم من ينتخبون أعضاء مجلس الإدارة، إلا أن السيئين والفاسدين توالوا على عضوية وإدارة المجلس مرة بعد مرة. وبسبب اليأس من تغير هذا السوء، حاول معظم المستثمرين لاسيما الصغار منهم سحب أسهمهم من هذه الشركة الخاسرة أو حتى التنازل عنها بدون مقابل والاستثمار في شركات أخرى في العالم. نجح القليل منهم في مغادرة الشركة إلى شركات اخرى في حين ما زال بقية المستثمرين يتعرضون لخسائر كبيرة على أمل مغادرتها مستقبلا أو انتظار مجيء مجلس إدارة جديد ينصفهم وشركتهم ويعيد لهم ما خسروه ويبني لهم شركتهم بدلا من أن يهدم ما تبقى منها.
تنافس ثلاثة مرشحين لرئاسة مجلس إدارة وأستطاع المرشح الأقوى وهو الثالث بين المرشحين أن يزيح المرشح الأول الذي سبق له تولي رئاسة مجلس إدارة هذه الشركة لفترة سابقة ولم يظهر نجاحا قدر ما أظهر رضا البعض عنه. هذا المرشح الأول دخل انتخابات رئاسة مجلس إدارة الشركة هذه المرة بدعم تيار قوي لكنه لا يستطيع العمل بمفرده. كان المرشح الثاني أقوى من المرشح الأول ويجب أن يحسب له الحساب لكي يستبعد من المنافسة لاسيما وأن المنصب يستحق الكثير.
ولكي يزيح المرشح الثاني والمنافس العتيد، عرض المرشح الثالث هدية لمن ينتخبه. كانت الهدية عبارة عن خمس مائة الف دولار يستلمها عضو مجلس الإدارة نقدا عند ترشيحه إياه. وفعلا أستطاع المرشح الثالث إزاحة المرشح الثاني عن طريقه بعد أن دفع أكثر من مائة مليون دولار لمنتخبيه. وتساءل المستثمرون باستغراب عن مصدر أموال هذا المرشح! وما حاجته لهذا المنصب أن كان يملك كل هذا المال؟ الحقيقة أن هذا المرشح الثالث قرر أن يسير على خطى الرئيس السابق لمجلس الإدارة الذي كان يدفع عشرات الملايين للحصول على منصبه ومثلها للبقاء في منصبه ويعوض ما يدفعه خلال سنة واحدة أن لم يك خلال أشهر معدودة من تسنمه المنصب.
ورغم فوز المرشح الثالث، إلا أنه لم يستلم منصبه بعد لظهور دعاوي قانونية ضده تتهمه بأنه واحد من اصحاب السوابق الجرمية وأن تاريخه الأسود في الإجرام لا يسمح له بتولي منصب رئاسة المجلس. السؤال الأهم في الموضوع كله، هو كيف سمح لهذا المرشح المجرم أن يصل لعضوية مجلس الإدارة لسنوات عديدة سابقة قبل أن يترشح لمنصب الرئاسة؟ الجواب هو؛ إن ما يجري في المجلس أنما يعبر عن حقيقة وصيرورة وتوجهات وأعمال مجلس إدارة الشركة فلا تعجبوا مما وصل إليه حال الشركة.