جبلة مخضبة بالدم وألف أفعى تشرب الرحيق
2022/01/04
 
311

عدنان شاكر 

احترقت مشاعري وتألم قلبي ودمعت عيني حزناً وأساً ووجعاً لهول جريمة جبلة المروعة . حتى وصل الضجيج بداخلي لصرخة كبرى ، وتحولت الصرخة الى سؤال أكبر .. لماذا ؟ فكان الجواب أعظم :
منذ الاحتلال والعراق يسير بقوة العطالة وآخر أنفاس البقاء .. تشظى المجتمع وتلاشت الدولة ، وصمت العقل عن التفكير والتفكر ، فازدهرت ( ثقافة القطيع ) التي رمت بنا على هامش الحياة وعلى حافة الانسحاق الوجودي لها .. أسلمنا عقولنا للذين أدمنوا الظلام ويرفضون بإصرار محاولات من يؤرقهم بوجود حياة خارج ظلمات القبور التي يسكنونها ، ليبقى واقعنا الطافح بالنكبات يزيح ستاره كل أجل عن مشهد دموي شنيع .
لا تضيقوا بكلامي إن كنت قد ظننت ( أن العراق سيفيق من ظلمات الجور والظلم ) حتى سقطت جبلة مخضبة بالدم بدل الحِناء ،  وضاقت علَيَّ أرض المهجر بما رحبت ... أغمضت عيني في لحظة سوداوية كئيبة ، وسرى بي الخيال الى ضفاف شط العرب وأبي الخصيب ، وبالذات الى قرية جيكور المهجورة .. شاهدت شاعرنا الكبير بدر السياب يقف صامتًا على أطراف سواقي بويب الناضِب ، مثل شبح شمعة تنوس بضوئها بين الموت والحياة ... إستنجدت به أحاوره بسطور من أنشودة المطر .. سألته : كيف تصف العراق ؟ قال : واهب المحّار والردى !! قلت : ولكن تشرين انتصرت ، والانتخابات جرت ، والذيول هزمت .. قال : أكاد أسمع العراق يُذْخِرُ الرعود ويخزن البروق في السهول والجبال !! قلت : هل من فرحة تعيد البسمة لأولادنا ؟ قال : لا تنتظروا مبسمٍ جديد ، أو حلمة تتورد على فم الوليد !! قلت : وما سبب كل هذا التشائم واليأس ؟ قال : في العراق ألف أفعى تشرب الرحيق !!! قلت : لعل الكبار إتفقوا على بقاء الحريق !! قال : وماذا تنتظر من أولاد الطريق ؟! قلت : فهل يتركونا ؟ قال : لم تترك الرياح من ثمود في الوادِ من أثر .. فخذ الحذر .. سيعشب العراق يوما بالمطر .. ولكن بعد أن يفنى البشر ..  فلا غيثٌ بوادينا ولا نايٌ ولا شجر !!
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟