
القاضي المتقاعد حسن حسين جواد الحميري
في الامتحان يكرم المرء أو يهان قول منسوب للإمام علي ع وفي قول منسوب لنابليون بونابرت ( ساحة حرب ولا ساعة امتحان) .. ويقصد بالامتحان الاختبار أو التصفية أو التخليص من الشوائب وقد ورد في تاج العروس ومحن البئر محنا: أخرج ترابها وطينها؛ عن ابن الأعرابي.
ومحن الأديم: لينه.
وقال أبو سعيد: مده حتى وسعه.
أو محنه إذا قشره؛ نقله الأزهري عن الفراء؛ كمحنه أي بالتشديد، هكذا في النسخ والصواب: كمخنه بالخاء كما هو نص الفراء في نوادره.
وامتحن القول: نظر فيه ودبره.
وقيل: نظر إلى ما يصير إليه صيوره
وقوله تعالى: (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) أي شرحها، وكأن معناه وسعها للتقوى.
وقال مجاهد: أي خلصها.
وقال أبو عبيدة: أي صفاها وهذبها.
وقال غيره: أي وطأها وذللها.
والمحن، بالفتح: اللين من كل شيء؛ عن ابن الأعرابي.
ومن المجاز: المحن: أن تدأب يومك أجمع في المشي أو غيره.
والمحونة: المحق والبخس، فعولة من المحن، وبه فسر قول مليح الهذلي:
وحب ليلى ولا تخشى محونته صدع لنفسك مما ليس ينتقد ومما يستدرك عليه:
محن الفضة: إذا صفاها وخلصها بالنار؛ ومنه الحديث: " فذلك الشهيد الممتحن في جنة الله تحت عرشه "، وهو الصفي المهذب.
والممتحن أيضا: الموطأ المذلل.
وامتحن الذهب والفضة: أذابهما ليختبرهما حتى يخلصا.
ومحن السوط: لينه.
وقال ابن الأعرابي: محنه بالشد والعدو: وهو التليين بالطرد.
وجلد ممتحن مقشور؛ عن الفراء.
ومحن الرجل، بالضم، فهو ممحون.
وثوب ممحون: خلق بطول اللبس.
ومحنت ناقتي: جهدتها بالسير.. وعلية فو يدل عل كل مايظهر مافي الأعماق الذهن بجلاء بعد أن يزال ويخرج عنه بالسؤال ما جعله محجوبا وغير واضح وهو يجهد المتحن لشدة وقعه على النفس ويجعلها مرنة في التعامل مع مفردات الحياة المستجدة والمتغيرة دائما بما تمكن الممتحن من التغلب على الصعاب.. ربما كان أول امتحان للطفل في مستهل حياته بعيدا عن اهله هو تركه لبيتهم والابتعاد عن والديه واخوته ورفاقه الذين تعود العيش معهم في بيئته الضيقه التي ربما لايتجاوز الابتعاد فيها أمتار معدودات عن كنف أهله أو لحظات وهو يبتعد عنهم وتحت انتظارهم... لكن بعد اكماله السادسة من العمر يكون وجوبا التحاقه بالمدرسة ليبداء مشواره الدراسي ومشروعه طويل الأمد وهو يصارع الحياة من أجل التغلب على مفرداتها التي تتعرض طريقه ليجتهد في التغلب عليها من أجل الارتقاء الدائم في سلم النجاح اللامنتهي الذي يبدأ بميلاده حيث يبدأ خطوات تعلمه بالتعرف علي مايحيط به معتمدا على نفسه حبوا وسيرا ونطقا لمفردات لغة أمه وأبيه وعاداتهم وأخلاقهم وثقافته ومكتشفا لأشياء أخرى .. كل هذة امتحانات هي من الشدة والصعوبه عليه..لكنه يتمرن عليها بهدؤء وتحت رعاية ذويه فيتمكن منها بمرور الزمن.. فتبدأ مرحلة تحدي أخرى لاتقل خطورة وأهمية من التأثير في شخصيته وتكوينها الاوهي المرحلة الثانية وهو يقوم بامتحاناته بعيدا عن أهله وذويه مع عائلة أخرى مختلفة.. رؤساء العائلة هؤلاء هم المدير والمعلمين واخوان له هم زملاء له في الصف والمدرسه..فبعد خروجه من البيت الي الشارع سيلتقي بزملائه حاملا كتبة.. سيرا على الأقدام أو على دراجة هوائية أو سيارة خاصه أو أجرة أو حافله.. وهو في طريقه لمكان تعلمه يتعلم مهارات استخدام الطريق وكيفية التعامل مع زملائه وردود فعله تجاههم وتجاه معلميه في المدرسه وخارجها بعد العودة منها.. عاكفا على واجباته البيتية لينال استحسان معلمه ويتجنب حالة عدم الرضا عنه فيما لو أغفل هذا الجانب.. اضافة الى ردوره وإجابته على الأسئلة الصفية التي يوجهها اليه اساتذته ليظهر أمامهم بمظهر المتميز والمجتهد.. أما النوع الثالث من الامتحانات والتي هي محور هذا البحث فهو امتحان نصف السنه وامتحان اخير السنه للصفوف الأولى والثانية والثالثة والرابعة من دراستنا الابتدائية.. ويكون أهم امتحانين للقراءة والحساب والأخلاقية وفي الصف الرابع الابتدائي تصبح التربيه الاجتماعية احد الدروس المهمة.. وغالبا ما كان معلم القراءة والحساب هو من يتولى درس التربية الاجتماعية أو الأخلاقية كما يقوم بدور مرشد الصف.. ولا انسى الجدول الموطر بأسماء طلاب الصف متسلسلا حسب الحروف الأبجدية والذي كان يوضع على الجانب المناظر للباب التي يدخل منها الجميع إلى الصف وقرب السبورة الخشبية السوداء التي تصبغ كل ثلاثة أشهر بعد أن يبهت لونها لكثرة الكتابة عليها ومسحها بواسطة ماسحة من (الجبن) اي مصنوعه من شعر البعير فلم يكن الاسفنج أو غيرة من مواد المسح شائع الاستعمال.. وكان المادة التي يكتب بها هي الطباشير المصنوع من الكلس.. كان الصف في الغالب يقسم إلى ثلاثة فرق اثنان بمحاذاة بناية الصف والثالثه في الوسط.. وكان مكان جلوس الطلبه يتقرر حسب أحجام أجسامهم حيث يكون الأصغر حجما في بداية الفرقه والأكبر حجما إلى الخلف وبالتسلسل والتالي حسب اطوال الطلبة لأن الطالب الصغير الحجم لايستطيع أن يشاهد مايكتب على السبورة أن كان هناك من هو اكبر منه حجما.. كانت المدارس في الأرياف غير مجهزة بالمراوح السقفية أو الارضيه لعدم توفر الكهرباء.. ماعدا مدارس المدينه التي كانت تتمتع بهذه الميزة اما التدفئة للصف فكانت تعتبر ترفا سواء في الريف أو المدينة بل وخروج عن أصول التربية القديمة..ولاننسى دور المراقب ذالك الطالب المجتهد الذي يستطيع المعلم من الاعتماد علية في إدارة شؤون الصف وتسجيل أسماء المشاغبين الذين أحدثوا الفوضى قبل دخول المعلم للصف لينالوا عقابهم وكثيرا ماكنت مراقبا للصف .. وربما أوكل المعلم للمراقب النيابة فرصة تعليم من هو أقل مستوى علمي بتوضح الدرس له .. في أغلب الأحيان كان المعلم يحمل عصا في الغالب يجلبها له الطلاب وغالبا ماتكون مصنوعه من جريد النخل أو شجرة الرمان أو الزيتون أو الخيزران والأخيرة غالبا ماتكون من أدوات السيد المدير.. ومن الطرائف أن كثيرا من الذين جابوا العصا للمعلم قد قرعهم بها.. وكانت لهذه العصي أسماء فعصا الاستاد حمود العلوية وعصا الأستاذ محمد الحجيه وهكذا... وكثيرا ماكان تستخدم لضرب المتهاونين في دراستهم أو واجباتهم البيتية أو القائمين بمشاجرة داخل المدرسة أو خارجها.... وكانت لزيارة المفتش الذي يسمى حاليا بالمشرف هيبة كبيرة لدى الأستاذ المعلم والطالب على حد سواء وكنا ننظر اليه باجلال وخاصة وهو ينزع نظاراته عندما يكون واقفا في نهاية الصف ليرتدي النظارات المكبرات وكثيرا ما اقترنت صورة المفتش في أذهان الطلبة بارتدائه النظارات.. وعند علم الأساتذة بوجود المفتش تراهم يهتمون للأمر ويخرجون العصي من شبابيك الصف وان تطلب ذالك تمزيق المشبك المانع لدخول الحشرات ... وبعد نهاية الدرس فترى الطلاب لا حديث لهم سوى ارتداء المشرف للمكبرات...
.
كان المعلم ينوب عن الأب والمختار وضابط الشرطه والقاضي فيحق الحق وينتصر للمظلوم ويأخذ الحق من القوى وحيث أن الكثير من المشاكل في المجتمع مصدرها الأطفال لذا فإن الكثير منها يحل بواسطته لعدم الحاجه لمراجعه الشرطة فكان المعلم هو أحد الدائم الاساسيه للسلم الاهلي والمحتمعي.. كانت المدرسة التي درست فيها تسمي مدرسة الوردية الابتدائيه وقد أسست في نهايات العهد الملكي والتي تغير اسمها فيما بعد إلى مدرسة القبس.. كان فيها عدد الصفوف يمتد من الصف الأول الابتدائي وحتى السادس ابتدائي.. وربما كان للصف أكثر من شعبة كان يكون الصف الخامس أ وصف الخامس ب.. وكانت هناك غرفتين للإدارة الأولى للمدير والثانيه للمعلمين.. وكانت خارطة العراق تزين مترين مربعين تقريبا على الجهه اليمني لمدخل المدرسة من جهة غرفة المعلمين وكانت ألوية العراق تلون بألوان البذور فهذا اللواء قد ثبتت في مساحة بذور الفاصولياء واللواء الثاني بذور البامياء والسبب لاتعرفه لحد الان... ويحيط بالمدرسة سياج متوسط العلو والمسافه الفاصلة بين باب المدرسة الخارجي وبداية مدخل البناية تقدر بعشرة أمتار مزروعة باشجار الحمضيات ونبات الرازقي ونخيل الواشطن وويل لكل من تمتد يدة إليها.. كانت المدرسه مبنية على أسس مرتفعه تبلغ أكثر من متر تقريبا... وارتفاع صفوفها أكثر من اربعه أمتار لاستيعاب درجات الحرارة في القيظ العراقي اللاهب...وكانت هناك طارمه بنفس الارتفاع ترتكز على دعامات أو اعمدة من الطابوق قطر العمود حوالي خمسة وسبعون مترا لتضلل الصفوف في الصيف وتحمي الطلاب من المطر في الشتاء ولمسافه تمتد لأكثر من أربعون مترا من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف السادس الابتدائي وفي الجانب الأيمن من جهة المدخل وعلي مسافة خمسة وعشرون مترا توجد الصحيات وعلى مسافه ابعد حبوب الماء الكبيرة التي تملأ من ماء نهر الوردية الصالح للشرب انذالك فلم تكن انئذاك ملوثات البيئه والحضارة موجودة.. وقريبا من بناية الصف الأول كان الحانوت الذي يشتري منه الطلاب أثناء الاستراحة الشامية والسنبكستاية والحلقوم والكيك والوازم المدرسية كلاقلام والمبراة والممحاة.. وكانت الكتب المدرسية وبعض من الدفاتر ذات المائة وذات الستون والثلاثون ورقه توزع مجانا.. كذالك الأطلس الجغرافي الذي يبين ازياء العراقيين وطرق عيشهم والأدوات الهندسية التي كانت توزع عندما يصل الطالب للصف الخامس الابتدائي وهي تكون داخل صندوف صغير معدني فيه الفرجال والمنقلة والمسطرة المعدنية وأدوات أخرى.. كانت صفوف المدرسة وطارمتها تطل عل ساحة واسعه تبعد عن إدارة المدرسة حوالي خمسون مترا ومحاطة بذات السياج إلى أشرت اليه وهي مكان للعب واللهو أو استمرارا للقراءة والدراسة للتهىيئه للامتحان سيجري بعد الفرصة.. وكان يتوسطها ساحة لكرة الطائرة إذ ينقسم طلاب الصف إلى فريقين ليمارسوا هذه اللعبه في وقت لم تكن كرة القدم مشهورة في المجتمع الريفي وحتى في المدن في ذالك الوقت و كثيرا ماكنا نتفرج على اساتذتنا وهم يلعبون لعبتهم المفضله هذه الا وهي كرة الطائرة وأحيانا كرة السلة.. .. وكان هناك عمودان لكرة السلة في شمال وجنوب الساحة.. وفي هذه الساحة كان يتم الاصطفاف الصباحي حيث تاخذ كل شعبه وحسب التسلسل المرحلي للصفوف المدرسة حيزا من المكان بجانب الشعبة الأخرى إذ تقف جميع الصفوف بنسق مرتب ومنظم وهو اشبة بوقوف الجند في ساحة العراضات.. ويقوم المعلم بعد أن يتأكد من وقوف الجميع بانتظام بتفتيش نظافة الطلاب والتأكد من حملهم لمناديلهم القماشية حيث يضع كل طالب منديلة عل ظاهر كفه.. كما يلاحظ تقليم الطلبة لاظافرهم.. بعد ذالك يقوم طلاب السادس أو الخامس ابتدائي بترديد احد الأناشيد الوطنيه.. واتذكر النشيد التالي
صباح الخير صباح الثورة
بلادي اليوم صارت حرة
والمقصود بالثورة هي ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨.. او
لاحت رؤوس الحراب
تلمع بين الروابي
ثم بعد ذالك يطلب المعلم المسؤول عن إدارة الاصطفاف لذالك اليوم من بعض الطلاب النابهين بإلقاء قصيدة من القصائد الموجودة في الكتب وإذا كان طالبا في الصف الأول الابتدائي فيشجع لإلقاء قصائد تتعلق بالطيور أو ماشابه.. ولاانسى تلك المسرحية التي يقوم بأدائها الطلاب ممثلين فيها الحيوانات كالاسد والنمر.. فيخرج صاحب كل دور من صف وقوفه وهو يتكلم بأعلى صوته وبأسلوب شعري معرفا بصفته.. فيبتدا الأسد مرتجزا
قف أن لم ينجيك الهرب
فالموت منك قد قرب
وهي كما اعتقد من مسرحية شعرية لأمير الشعراء شوقي... وكانت من ضمن المنهاج الدراسي يقوم بحفظها طلبة الخامس أو السادس الابتدائي على ما اظن مما يضفي جوا من البهجه والمرح واستعداد لدخول يوم دراسي جديد.. وبعد إكمال مستلزمات الاصطفاف يبداء دخول الطلاب إلى صفوفهم بالترتيب صفا صفا وعادة مايبدا بالصف الأول الابتدائي.. حيث يسر كل صف بخطين متوازيين كل طالب بموازاة زميلة ويحافظون على نظام المسير حتى يصبحون قريبين من صفهم فيدخلون إليه بالرتل الزكوي ومن ثم يتخذ كل طالب مكانه من الجلوس على رحلته أو كرسية أن كان من طلاب الصف الأول والثاني والثالث والرابع إذ كان الطلاب يجلسون على الكراسي الخشبية ويراقب الأستاذ أمر جلوسهم باستقامه حتى لاتنحني أجسامهم.. وفي الصف الخامس والسادس يكون الجلوس على الرحلات اذيكون مكان الجلوس عبارة عن مصطبة خشبية مرتبطه بالمنضدة.. وكل من المنضدة والمصطبة يسميان بالرحلة اي مكان جلوس الطالب.. وكانت غالبا ماتكون معدة لطالبين.. وبعد أن يتخذ الطلاب مواقعهم على رحلاتهم أو كراسيهم يدخل الأستاذ المعلم الذي يراقب قدومه من الإدارة المراقب وينبة الطلبة إلى خروجه منها واقتراب من الصف ليهدا الجميع خوفا واحتراما فما أن يصل باب الصف حتى ينادي المراقب بأعلى صوت (قيام) فينهض الجميع فيجيب المعلم قائلا( جلوس) فيجلس الجميع ومن ثم يبدأ الأستاذ بإلقاء درسه وكانت القراءة تدرس بأسلوب القراءة الخلدونية.. اي قراءة الكلمة بأسلوب التهجئة لمقاطعها كما في الكتابة المسماررية حيث يفصل بين مقطع واخر فاصل خطي أفقي صغير.. وكان يتم ترديد الكلمة بصوت جماعي عالي يغرس في نفوس وذاكرة الأطفال المعلومه التي يرددونها.. كانت امتحانات الصفوف الاربعه الأولى سواء في نصف السنة أو اخير السنة شفهيا لعدم تمكن الطلبة كما اعتقد من الكتابة.. وغالبا مايتم ذالك باستخدام السبورة حيث يمتحن عليها الطالب و بإشراف مباشر من المعلم والذي لدية فكرة واضحة عن المستوى العلمي لكل طالب من طلابه...اما في الصف الخامس الابتدائي والسادس الابتدائي فتكون طرق التدريس مختلفة حيث تكون الامتحانات شهرية لشهرين يسبقان نصف السنه وامتحان نصف السنة ثم امتحانين شهرين بعد نصف السنة ليكون بعدها الامتحان النهائي أو مايسمى بامتحان اخير السنة.. وهناك دروس جديدة تدخل إلى إلى الصف الخامس والسادس الابتدائي وهي التاريخ والجغرافية والوطنية والعلوم.. وهي دروس تحتاج لقراءة واجتهاد ولايمكن الاعتماد فيها على النشاط الصيفي كما في الصفوف الاربعه الأولى السابقه.. ويكون معدل النصف الأول بجمع علامات الشهرين الأولين مع امتحان نصف السنة ويقسم على اثنين ثم يجمع هذا المعدل مع معدل الشهرين الأخيرين ويقسم على اثنين ليكون معدل السعي السنوي ثم يجمع الأخير مع نتيجة الامتحان النهائي ويقسم على اثنين لتظهر النتيجه النهائية اي ان نتجية الامتحان النهائي تعادل في ثقلها نصف نتيجة العام الدراسي فينجح المجتهد والذي والمثابر ويكمل من لم يستطع الفوز بدرسين فأقل فتسنح له الفرصه بإجراء امتحان آخر قبل بدء السنة الدراسية الجديدة ويسمى مكملا.. فإن تمكن من عبور الامتحان واجتيازه نحج ولحق بزملائه الذين سبقوه في نتيجته نجاحهم إلى صف آخر متقدم.. أما من يحرز النجاح في ثلاثة دروس فيعتبر راسبا( ساقط) في صفه وعلية أن يعيد سنتة الدراسية في ذات الصف.. وكان أن يبرز من بين الطلبة الذين يحوزون المرتبة الأولى اكثر من واحد واللذين هم بنفس المستوى العلمي فيكون الأول والاول مكرر.. كما هناك الثاني والثالث والرابع والخامس على صفه... وفي يوم توزيع النتائج (الشهادات) وهو يوم مشهود اذيحضر الطلبة إلى المدرسة بعد أن يكون المدير قد بلغ الطلاب أو أولياء امورهم بواسطة الفراش او الحارس بالحضور لاستلام النتائج وبعد أن يصطف الطلبة في الساحه ينادي عليهم وحسب صفوفهم واحدا وحدا ويسلم نتيجة النهائية فإن كان ناجحا فيسلم إلى الفراش الذي يقف إلى جانب المدير البخشيش وغالبا ما يكون درهما( خمسون فلسا) او اقل من ذلك ونادرا مايكون مائة فلس.. أما من يكون كتابة في شماله أي تكون نتيجة فاشلة فلا يسلم اي مبلغ ويكون منكسرا وعند عودة أقرانه إلى أهاليهم من المدرسة يسر خلفهم باكيا وعلية علامات الحزن بخلاف من أوتي كتابة بيمينة فيكون فرحا يتمنى أن تطوي به الأرض ليصل إلى أهلة ليخبرهم بالنتيجة السارة وهو يلوح بشهادته التي تؤيد نجاحه إلى الصف التالي وعليها تهنئة المدير بعبارة ( نهنئكم بنجاح ولدكم) .. وكان امتحان الصف السادس الابتدائي يكون بطريق امتحان البكالوريا ولبعد مدرسة الوردية عن مركز المدينة آنذاك وعدم توفر وسائط النقل المباشرة لوصول الأسئلة إلى قاعات الامتحانات لذا تقوم المدارس بناءا على أوامر و نظام باستصحاب الطلاب إلى مدارس يباتون فيها داخل المدينة وقريبة من المدرسة التي ستجرى فيها الامتحانات صباحا ليعودوا بعد أدائها إلى ذات المدرسة التي اتخذت كسكنى لهم.. ويبقى الطلاب في هذة المدرسة لمدة أسبوع بعد أن ينقلون اليها بواسطة باص خشبي مع الخفيف من الافرشة خاصة وأن الجو في الامتحانات النهائية يكون صيفا حارا ويسلم كل طالب عن كل يوم مائة وخمسون فلسا كمصرف جيب.. ويبقى احد المعلمين مصاحبا للطلبة ليشرف على سلامتهم ليلا ونهارا.. وكانت هناك صفوف أخرى يسكن فيها أيضا طلاب مدارس ريفية.. وبعد أن تكمل الامتحانات يعودون بذات السيارة إلى منطقتهم وهو فرحين مستبشرين لعدم تعودهم عل فراق اهليهم ولربما انها المرة الأولى التي يفارقونهم فيها.. بل إن هناك من الطلاب وعند زيارة والدة أو اقرباؤه لهم يصر على استصحابة باكيا لاشتياقه لأخوانه وزملائه في اللعب.. وما هو جدير بالذكر أن امتحانات البكالوريا الابتدائية في وقتنا كانت تجمع معها إضافة إلى دروس السادس ابتدائي فإنها أيضا تشمل موضوعي التاريخ والجغرافيا للصف الخامس الابتدائي... ومن طريف ما حصل لي اني كنت ذات يوم اهيأ لدراسة امتحان اليوم التالي.. فكنت اقرا خلف احد الصفوف وبصوت منخفض.. إلا أن المعلم الذي كان يصاحب طلاب مدرسة أخرى ويجلس معهم على سريرة طلب مني أن اغار المكان كون يريد القيلولة فتركت المكان ولم اعاود القراءة مرة أخرى وحتى نهاية الامتحانات خشية تكرار ذات الموقف لأن جميع الصفوف فيها طلاب.. وكان مبيتنا في مدرسة العدنانيه ونؤدي امتحاناتنا في المدرسة الغربية وكلاهما متقاربتان لاتبعد أحدهما عن الأخرى أكثر من مائة متر وكلاهما يقعان في حي الخسروية الحالي.. امانتيجتي الامتحانية فكانت الرابع عل الصف وكان ابن خالي حمزة كاظم أبو مصطفى الخامس على الصف.. أما مأكلنا فكان في الغالب أن اهلينا يجلبون لنا مانحتاج الية اما الفطور فكان هناك رجل عند باب المدرسة يبيع علينا فطور الصباح.. ومايجدر الإشارة إليه اني كنت في الصف الأول ابتدائي وكان اخي الأكبر الدكتور عباس في الصف الخامس ابتدائي... وكان يستصحبني معه إلى المدرسة والبيت ذهابا وإيابا على دراجتة الهوائية حيث كنت اركب خلفه علي ( السوباية) حيث يوضب كتبة التي كان يحزمها بحزام جلدي احمر وكثيرا ما أختل توازني فكان يقوم باعادتي إلى الوضع الصحيح وكثيرا ماغضب مني بسبب ذالك.. وكان من المعتاد أن ينهي طلبة الصف الاول دراستهم قبل الصفوف الأخرى لذا فتراني اذهب الى صف اخي واجلس معهم واستمع إلى درسهم واتذكر جيدا الأستاذ عبدالله وهو اخو الأستاذ مرهون مدير المدرسة يقوم بتدريس اخي وزملائه في الصف اللغه الإنكليزية.. ولا زلت اتذكر ان هذا المعلم المخلص كان يرسم صورة القورى رمزا لكلمة (كتل) باللغه الإنجليزية.. كان هذا المعلم نشطا ومتعدد المواهب.. كنت أراه احيانا وهو يقوم بواجب معلم الرياضه.. أو أنشطة الفتوة.. حيث يجعل الطلاب في صفين متقابلين ويسلمهما سيوف خشبية تبدو للناظر انها حديدية ويلبس كل صف قبعات مختلفه في لونها عن قبعة الصف المقابل كان تكون قبعة احد الفريقين حمراء الآخر زرقاء ويجعلهما يتبارزان ضربا بالسيوف ليسقط احد الصفين في مشهد تمثيلي جميل بمايدل على انتصار الفريق الآخر.. كما كان هذا المعلم الجاد يستصحب طلابه في مباريات رياضية خارج المنطقة ليعود وطلابة يرددون اهزوجة
جبنا الكأس يلمع
وعيونهم تدمع
الا ان هذة الأنشطة لم نمارسها نحن الصفوف التالية وأعتقد أن للأوضاع السياسية وعدم استقرارها سببا في ذالك.. وكنت في صف الثاني الابتدائي على ما اظن ١٩٦١-١٩٦٢ عندما حصل انقلاب عبد السلام عارف على عبد الكريم قاسم.. وما كان من إدارة المدرسة الا ان تضع ورقه على صورة الزعيم التي كانت موجودة على خارطة العراق.. وكان أحد المعلمين يلعن تلك اللحظات التي تمكن فيها (الزعيم الاهوج) حسب تعبير ذالك المعلم مقاليد الحكم.. ثم أخرجنا بمظاهرة طلابية ونحن أطفالا بعد أن لقنا هتافات من المعلمين.. منها
واو واو وحدة وحده عربيه
بيها حرس قومي ضد الشيوعية
وصادف أن التقت بنا امراءة عجوز تدعى( بستانه) فاستفسرت عن الامر.. فاخبرت بحصول ثورة و ان الزعيم قد قتل فاستفسرت ومن حل مكانه؟؟ فاخبرت انه عبد السلام.. فما كان منها إلا أن شتمت عبد السلام وقالت نحن نريد أن يرجع عبد الكريم.. ومن ظريف مااتذكرة أن المعلم عندما كان يدخل وينادي المراقب بالقيام فنردد ( عاش الزعيم عبد الكريم) اما بعد أن حل عبد السلام محله فأصبح القول( قوموا قيام لعبد السلام)وكان الرئيس عبدالسلام قد توفي صحبة متصرف لواء البصرة الملقب بالحياني نتيجة تحطم الطائرة بهما ويقال إن الحادث مدبر من المخابرات الغربية وقد شاءت الصدف أن أكون من الأشخاص الذين شاهدوا الحياني عند زيارته لمدرستنا صحبة والدي رحمه الله حيث يبدو كانا لديهما واجبا رسميا أجهله الان وقد توقفا عند المدرسة بناءا على طلب القائمقام و دخلا غرفة الادارة في وقت الفرصة... َوتولى رئاسة البلاد عبد الرحمن عارف الذي كلن شخصية معتدلة ومتوازنة شهدت البلاد خلال فترة حكمه استقرارا لم تعهدة في حكمي عبد الكريم وعبد السلام الا ان أعداءه لم يرق لهم السلام الذي أخذ ينعم به المجتمع العراقي في عهدة معتبرين ذالك وياللعجب ضعفا منه.. .. وهكذا هي الأيام دواليك.. وكان من المظاهر المميزة في مدارس تلك الأيام هي معونة الشتاء حيث كانت توزع على الطلبة الأيتام والمحتاحين بدلات كاملة واحذية ليرتدوها.. كما كان هناك معلمين إشراف وكرماء يجلبون معهم الاكل ومنذ الصباح للطالب المريض الفقير وكذلك يجلبون لهم الملابس.. وكان في مقدمتهم الأستاذ الفاضل المعلم الراقي والمحامي المتميز على خميس النعيمي والد القاضي الفاضل تحسين النعيمي.. كذالك يوزع في المدرسة الحليب بعد غلية من قبل فراش المدرسة حيث يقف الطلبة في صفوف وكل منهم يحمل قدحا ليحتسي كوبا من الحليب.. وكانت هذة المساعدات المادية والغدائية كما فهمت مؤخرا انها مساعدات من اليونسكو لطلبة الشعوب النامية.. وكان الطلبة في العهد الملكي يحضون بالكثير منها الا انها تناقصت بعد العهد الجمهوري... كان الوضع الاقتصادي لعائلتي جيدا.. وكنت نظيفا ووسيما وكان ذلك أمرا نادرا في المجتمعات الريفية انذاك فكان المعلمون يستدعونني إلى الإدارة وانا في الصف الأول الابتدائي ويجلبون لي البسكويت والحلوى مجانا وكثيرا ما كانوا يحملوني أطيب التحايا إلى والدي رحمه الله... وكان من هيبة المعلم أن تمت دعوة المعلمين إلى مضيف والدي تكريما لمقامهم وعندما حضروا لم نستطع انا واخواني الأصغر مني من الحضور إلى مجلسهم وكنا ننظر إليهم من جانب الباب حتى بادر المعلمون بدعوتنا والدخول إلى الديوان.. هذا وبعد أن التحق اخي الأكبر بالدراسة المتوسطه في مركز المدينة فاخذت اباشر الذهاب والإياب إلى المدرسة مع زملائي وأقاربي وكنا نسير ضمن مجموعات كون المدرسة تبعد عن قرية البوحمير حوالي ثلاثة كيلومترات والطريق ترابي وكان الغبار يثار من بين أقدامنا بشدة عند المسير وكانت البيوت التي على الطريق إلى المدرسة متباعدة وكلاب حراسة هذة البيوت في كثير من الأحيان ضارية وكثيرا مارابطت على الطريق أو على جنباته.. ولذلك نعتمد على أنفسنا في حمل العصي أو ننادي عل أهل تلك الدور للتخلص من خطر تلك الحيوانات ولربما تسلقنا إحدى أشجار النخيل حتى يصلنا مايفك الحصار ويبعد عنا الخطر.. كان المعلم الأستاذ علي خميس النعيمي يركبني معه على دراجتة الهوائية وعندما نصل قرب القنطرة التي تؤدي إلى دارنا يقوم بإنزالي... وفي حالة عدم اركابي من قبل أي معلم فإني اقوم بالركض بدرجة توازي سرعة سير درجاتهم الهوائية الأمر الذي يدعوهم للطلب مني عدم الركض حتى لا اتعب... إلا أني ارد عليهم بأني لم أتعب ممايضطر أحدهم لاركابي معه على دراجته الهوائية وخاصة الاستاذ علي خميس النعيمي أطال الله بعمره واتمنى ان يشاهد هذه الكلمات....
كنت صغيرا الأمر الذي لم يمكن والدي من شراء دراجه هوائية لي تسير في تلك الاتربة الكثيفه ولكن ما أصبحت في الصف الرابع الابتدائي حتى كان لي دراجه هوائيه حجم ٢٨ التي صاحبتي إلى الدراسة المتوسطة.. كنت أتمنى أن أكون طالبا لدى استاذ علي خميس لأنه كان يهتم بي.. وكثيرا ما انا أخبر اهلي بهذه الامنية... ولكن بعد أن أصبحت في الصف الثاني الابتدائي الذي كان الأستاذ النعيمي مسؤولا عنة حتى اخذ يعاملني بالشدة.. واتذكر ذات مرة اني كنت أقرأ أثناء فترة الفرصة مع اثنين من زملائي ذهابا وإيابا.. وكنت ااكل مما اشتريتة من ألحانوت وصادف أن الأستاذ النعيمي يراقب تصرفات الطلبة في الساحه.. فنادي على فتركت صاحبي وذهبت باتجاهه فضربني على خدي(راشدي) وطلب مني عدم تكرار الاكل مع القراءه ورجعت إلى زميلي وكان أمرا لم يحدث...
كان المعلمين من الإخلاص والحرص بحيث انهم وخاصة معلم اللغه الإنكليزية والعربي ياخذوننا دروسا إضافية قبل الدوام الرسمي بساعة في السادس الابتدائي.. وكثيرا ما صادروا حصة الرسم والرياضه من أجل الارتقاء بالمستوى العلمي للطلبة وخاصة أن هناك تقيما لادائهم التدريس من قبل وزارة المعارف آنذاك.. كان يقولون يجب أن ناكل حلالا.. هذة هى قيمهم وأخلاقهم... كانت الدروس الإضافية مجانية على حساب وقتهم ووقت أهاليهم وصحتهم.. كانوا يأتون على ظهور الدرجات الهوائية سالكين طريق حلة البوبجرى وفي ايام الأمطار يسلكون طريق العمار أو طريق الحلة - الملعب الرياضي ومنه ينعطفون نحو نهر الوردية الأثري حيث أرضه رملية ولاتتاثر كثيرا بالأمطار كطريقي البوبجرى والعمار اللذين ارضهما سبخة.. وهو طريق بعيد.. وقد أخذنا بارتيادة بعد أن انتقلنا إلى الدراسة المتوسطة والإعدادية.. تؤكد الدراسات العلمية أن تفوق الطالب مقرون دائما ببعد دارة عن مدرستة وأعتقد أن السبب في ذالك يعود إلى شعور الطالب بالجهد الذي يبذلة في ذهابه وايابه فلابد أن تكون هناك ثمرة مشرفه مقابل هذا العناء اليومي..