
تشهد بعض الأوساط الشعبية في العراق، خاصة في المناطق الشمالية والجنوبية، تصاعداً في الدعوات المطالبة بتحييد العراق عن التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل. وتأتي هذه الدعوات في ظل حالة القلق المتزايدة من احتمال تأثر البلاد بشكل مباشر إذا ما توسعت دائرة الصراع الإقليمي.
ويشير مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن إلى دقة هذه النقطة خاصة وآن واحدة من الصحف العراقية الصادرة أمس الأربعاء حملت عنوانا لافتا وهو التصدي لمحاولات جر العراق إلى الحرب ، وهي الصحيفة التي جاء عنوانها لافتا في ذروة هذه الأحداث.
وتوضح ورقة بحثية أصدرها المركز إلى أن أجواء الحرية التي تتمتع بها العراق وتحديدا في التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي طرحت العديد من الفيديوهات التي تصب في هذا التوجه ، وعلى سبيل المثال وفي مدينة كركوك، أظهر مقطع فيديو قيام عدد من المواطنين بالتعبير عن رفضهم لأي تدخل خارجي يمكن أن يزجّ بالعراق في الصراع القائم. كما رُصدت مبادرات فردية في بعض الأسواق التجارية جنوب البلاد تقضي بعدم إلا بالعملات العراقية، تعبيراً عن تراجع الثقة بالاقتصاد الإيراني بعد الانخفاض الحاد في قيمة العملة، إضافة إلى رغبة واضحة لدى البعض في تعزيز الاستقلال الاقتصادي للعراق.
يرى كثير من العراقيين أن الحفاظ على استقرار البلاد يتطلب الابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية، وعدم السماح باستخدام العراق كساحة لتصفية الحسابات بين القوى المتنازعة. ويؤكد البعض أن العراق دفع ثمناً باهظاً خلال السنوات الماضية بسبب تشابك المصالح الإقليمية على أراضيه، ويجب اليوم أن تكون هناك مراجعة حقيقية لموقعه في هذه المعادلات.
اللافت هنا ان بعض من التقارير تحدثت ونقلت عن إمكانية تأثر العراق بهذه الحرب ، خاصة مع إمكانية توقف امدادات الغاز إلي العراق ، وهو أمر بات من المتوقع مع الحرب الحالية ، الأمر الذي يزيد من سخونه المشهد بدمته الآن.
وتشير تقارير محلية تابعها المركز إلى أن هناك نقاشاً واسعاً في الشارع العراقي حول حجم النفوذ الإيراني داخل البلاد، ومدى تأثيره على القرار السيادي. وبينما يعبر البعض عن رغبة في تقليص هذا النفوذ، فإن آخرين يرون أن العلاقة بين بغداد وطهران يجب أن تُبنى على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، دون تبعية أو تدخل في الشأن الداخلي.
اللافت أن هذه المواقف تزداد تزامناً مع انشغال إيران في تطورات المواجهة مع إسرائيل، مما دفع بعض الأصوات إلى اعتبار هذه المرحلة فرصة لإعادة تقييم التوازنات داخل العراق، وفتح حوار وطني حول مستقبل العلاقة مع دول الجوار.
في ظل هذه الأجواء، يبدو أن هناك رغبة شعبية متنامية في النأي بالعراق عن التصعيد الإقليمي، والتركيز على أولويات الداخل، خاصة في ما يتعلق بتحسين الوضع الاقتصادي، وتعزيز الأمن، وتثبيت السيادة الوطنية.
ويوضح المركز أن الموقف الحكومي واضح وصريح وهو دعم الشعب ومساندته ضد أي تهديد والعمل الجدي على دعم طموحات الشعب العراقي في مستقبل افضل.