-من تمكين الطائفة إلى تأسيس الدولة- نحو عقد وطني شيعي جديد

2025/12/12

27
١ -التمكين بين النصر والأزمة
لم يكن التمكين الشيعي بعد 2003 حدثاً منفصلاً عن سياقه التاريخي بل كان تتويجاً لمسار طويل من المطالبة بالحقوق التي تجذرت عبر عقود من الإقصاء والمعاناة. لكن المفارقة التاريخية تكمن في أن هذا التتويج تحول إلى نقطة بداية لأزمات جديدة ربما لأننا تعاملنا مع النصر كغاية نهائية بدلاً من اعتباره فرصة تاريخية لبناء دولة تضمن حقوق الجميع.
٢- التمكين.. الغاية التي أصبحت نقطة انطلاق
. التمكين الذي تحقق بعد 2003 لم يكن خطأ في حد ذاته بل كانت الخطيئة الكبرى في اعتقادنا أنه غاية وليس وسيلة.
. كنّا كمن يصل إلى قمة الجبل ليكتشف أن القمة كانت مجرد قاعدة لجبل أعلى.
. لقد أنفقنا رصيدنا التاريخي من الظلم والمعاناة في معارك هامشية ونسينا أن التمكين الحقيقي ليس في امتلاك مقاعد السلطة بل في امتلاك مشروع للدولة.
. ورثنا سلطة بلا دولة
. ومقاعد بلا رؤية
. وتمثيلاً بلا تأثير حقيقي.
٣- أزمة المرجعية السياسية والوعي الجمعي
. المرجعية السياسية المفقودة التي تحدثنا عنها ليست مجرد هيئة أو مؤسسة بل هي العقل الجمعي القادر على تحويل التنوع من نقمة إلى نعمة والقادر على تحويل الطائفة من هوية انتماء إلى مسؤولية وطنية.
. في غياب هذه المرجعية تحول التنوع الطائفي من ثراء إلى لعنة وتحولت الديمقراطية من نظام تضامن إلى آلة محاصصة.
. ليست المرجعية بديلاً عن الديمقراطية بل هي الضامن لعدم تحول الديمقراطية إلى فوضى والتحويل التعددية من صراع إلى تكامل.
٤ - العاصفة القادمة والاختبار الوجودي
. في الأفق تقترب عاصفة وجودية لن تسأل عن هوياتنا الطائفية بل عن قدراتنا على البقاء.
. أمام تحديات الاقتصاد المتردي والخدمات المعدومة والفساد المستشري والتهديدات الأمنية لن تجدي خطابات التمكين الطائفي.
. التحصين الذي ندعو إليه ليس انكفاءً على الذات بل هو الانتقال من منطق القبيلة إلى منطق الدولة ومن ثقافة الامتياز إلى ثقافة المسؤولية ومن هَمِّ السلطة إلى هَمِّ الدولة.
٥ - النخبة الشيعية أمام مفترق طرق تاريخي
النخبة الشيعية اليوم أمام اختبار تاريخي مصيري
. أن تنتقل من ثقافة التمثيل إلى ثقافة التأثير
. ومن لغة المحاصصة إلى لغة المشروع
. ليست المسألة كم مقعداً نملك بل ماذا نفعل بهذه المقاعد.
. حان الوقت للانتقال من تمثيل المكون إلى خدمة الوطن ومن الدفاع عن الحصص إلى تقديم الحلول.
٦ - نحو مشروع وطني تكاملي
ما زالت الفرصة متاحة لإعادة تعريف المشروع الشيعي
. لا امتياز مذهبي بل مسؤولية وطنية مسؤولية تجاه بناء عراقٍ يكون فيه الشيعة
. جسراً للوحدة لا ساحة للصراع وقوة للبناء لا أداة للهدم.
الأمر لا يتعلق بتخلي الشيعة عن هويتهم بل بترتيب أولويات هذه الهوية.
. الهوية الشيعية يجب أن تكون مصدر إثراء للهوية العراقية لا بديلاً عنها.
. الشيعة اليوم مطالبون بإنتاج خطاب سياسي يجمع بين شرعية التمثيل وشرعية الأداء.
٧ - من التمكين إلى المشروع. رؤية للمستقبل
. قد لا نستطيع منع العاصفة القادمة لكننا نستطيع أن نبني مراكبَ تتحمل هيجان البحر.
. قد لا نستطيع كتابة النظام العالمي الجديد لكننا نستطيع كتابة عقدنا الوطني الجديد.
. عقد يجمع بين هويتنا ووطنيتنا بين إيماننا و مواطنينا بين ذكرى ماضينا وطموح مستقبلنا.
.عقد يعترف بالآخر ويعمل معه ويتحول فيه التمكين من امتياز طائفي إلى كفاءة وطنية.
. التمكين كان البداية والتحصين هو الطريق والمشروع الوطني الجامع هو الغاية.
هذا المقال محاولة لبدء حوار نتمنى أن ينتقل من أروقة النخبة إلى ساحات المجتمع من جدل السياسيين إلى وعي المواطنين.
. مستقبل العراق ليس مسؤولية الشيعة وحدهم لكن لا مستقبل للعراق بدون مشروع شيعي واعي ومسؤول.
. مشروع يتحول فيه التمكين السياسي إلى خدمة وطنية والوجود الطائفي إلى مساهمة حضارية.
علاء الطائي