العدالة العمياء
2025/08/24
 
26

بقلمي ...هديل احسان 

في عالمٍ يُفترض أن تُوزَّع فيه الحقوق بميزانٍ لا يميل، تبرز العدالة كرمزٍ للإنصاف، تتوشّح بعصابةٍ على عينيها لتدلّ على حيادها المطلق. لكن، ماذا يحدث عندما تصبح هذه العصابة أكثر من مجرد رمز؟ عندما تتحول إلى حاجزٍ يحجب الحقائق، ويمنع النظر في التفاصيل التي تصرخ بالظلم؟ العدالة العمياء، حين تكون فعلاً عمياء، لا تساوي بين الناس بل تتغاضى عن السياق، تتجاهل المعاناة، وتُصدر أحكاماً لا ترى إلا ظاهر الأمور. في تلك اللحظة، لا تعود العدالة عدالة، بل تتحول إلى آلةٍ صمّاء، تُدين البريء وتُبرّئ الجاني، فقط لأن الحقيقة لم تُعرض في إطارها الكامل
في مدينة ما  حيث تُرفع شعارات الإنصاف على كل جدار، ويُعلّق تمثال العدالة في قلب الساحة بعينين معصوبتين وسيفٍ مرفوع، كان القاضي  يجلس على كرسيه العالي في قاعة المحكمة، لا يُصدر حكماً إلا بعد أن يُسحب الخيط المربوط في معصمه.
تلك الخيوط الحمراء كان المحامين يكتبون تفاصيل كل جرم يقوم به المتهم على ورقة بيضاء ثم تربط الورقة بخيط احمر دليل على أن هذا المتهم قد قام بفعل تجاوز الخطوط الحمراء وعليه فهو يستحق العقاب ثم تقدم الأوراق للقضاء فيصدر القاضي حكمه العادل وينال المتهم عقابه 
ثم يربط الطرف الآخر من الخيوط بيد القاضي العادل كي يتسنى له الإطلاع على كل جرم قام به أي متهم 
وفي الخارج كانت تتعالى أصوات الناس المطالبين بتحقيق العداله 
ولكن منذ فتره تغيرت طباع القاضي
  الجميع رأوا كيف تغيّرت أحكامه منذ أن تولّى المنصب. لم يعد ينظر في الأدلة، ولا يسمع الشهود، بل يكتفي بإيماءة خفيفة تأتيه من وراء ستار اسود كان خلف كرسي القاضي...   فينطق بالحكم وكأنه آلة نُزعت منها الروح.

في إحدى القضايا، وقف شابٌ هزيل علامات الفقر والجوع كانت ظاهرة على وجهه اتهم بسرقة الخبز كي يسد به جوعه
كان  يصرخ: "أنظر أيها القاضي أنا لست رقماً في ملف، أنا إنسان!" لكن القاضي لم يرفع عينيه، فقط تحرّك الخيط، فنطق: "حُكم بالسجن عشر سنوات."

وفي تلك اللحظة، اهتز تمثال العدالة في الساحة، وسقطت العصابة عن عينيه، لتكشف عن نظرة حزينة، كأنها تقول: "أنا لم أُخلق لأُقاد، بل لأُفكّر."
لم يكن يوما القضاء مسير كان دائما مخير ماذا جرى الان لماذا تغير

ثار  الناس لاستعادة العدالة الحقيقية.

  لقد تغير القاضي منذ شهور 
كان هناك من يحرك الخيوط في معصمه قبل كل حكم، وكيف تتغير ملامحه من التردد إلى الحسم في لحظة واحدة. شيء ما لم يكن طبيعيًا.

..... من يقف خلف الستار؟ من يملك سلطة تحريك العدالة دون مساءلة؟ 
خلف الستار كان هناك باب مخفي خلفه سلم يقود إلى الطابق السفلي فقد اتضح أن هناك غرفة مغلقة في الطابق السفلي من المحكمة، لا يدخلها أحد إلا في الليل، ولا تُفتح إلا بمفتاحٍ واحد، بحوزة شخصية غامضة 

في تلك الغرفة، كانت هناك  لوحة ضخمة، عليها عشرات الخيوط، كل منها مرتبط بمعصم قاضٍ أو مسؤول. وفي المنتصف، جلس شخص  بوجهٍ لا يحمل أي تعبير، يُحرّك الخيوط كما يشاء، بناءً على ملفات سرية، مصالح عليا، وأوامر لا تُناقش.

   كان اسم اللوحة العدالة المُقيّدة تكشف فيها كيف تُدار الأحكام من خلف الكواليس. ومع كل قضية او حكم ظالم بدأ الناس يتساءلون متى تظهر الحقيقه

وفي المحكمة، بدأ القاضي يشعر بالخيط يضعف، كأن قوة الناس بدأت تقطع القيود. وفي أول جلسة بعد الضجة، نظر أخيرًا في عيني المتهم، ورفض تحريك يده. قال: "لن أكون أداة بعد اليوم."
كان ذلك المتهم يجلس خلف القضبان لقد قام بجرائم متنوعه وكثيره ما اثار غضب الناس يجب أن يعاقب على كل ماقترفته يداه من جرائم 
يجب استعادة السيطرة ....ولكن على ماذا 

عندما تُقاد العدالة بيد شخص "مُسيّر" لا يملك حرية التفكير أو اتخاذ القرار، فإنها تفقد جوهرها الحقيقي. العدالة ليست مجرد قوانين تُطبّق، بل هي فهمٌ للسياق، وتقديرٌ للظروف، وإنصافٌ للناس.
أما إذا كان من يقودها مجرد منفّذ لما يُملى عليه، دون وعي أو ضمير، فإننا لا نحصل على عدالة، بل على نسخة مشوّهة منها، تُستخدم كأداة للسلطة أو الانتقام أو التحيّز.
ماذا يحدث عندما تكون العدالة مسيرة هذا السؤال طرح كثيرا وقد تغاضى الكثير عن النتائج الي هي ......
- تغيب الإنسانية: يُنظر إلى القضايا بعين جامدة، دون مراعاة للظروف أو النوايا.
- تُقمع الحقيقة: لأن الشخص المسير لا يبحث عنها، بل يكتفي بما يُقدَّم له.
- تُستغل العدالة: لتبرير الظلم، أو لتصفية الحسابات، أو لتثبيت النفوذ.
- يفقد الناس الثقة: في النظام، في القانون، وفي فكرة الإنصاف نفسها.
.......العدالة حين تُقاد بلا وعي، تصبح مسرحية تُؤدى بلا روح، يُصفّق لها من يستفيد، ويبكي من يُظلم.
..... تعالت أصوات الناس داخل المحكمه مطالبين بتحقيق العدالة 
دخل القاضي إلى المحكمه جلس على كرسيه أمامه كان تمثال صغير فتاة شابه ربطت عيناها في اليد اليمنى كانت تحمل ميزان العداله وفي اليد اليسرى كانت تحمل سيفا 
وفي الحال ربطت الخيوط الحمراء يد القاضي التي كانت تحمل المطرقه ازدادت أصوات الناس منتظرين النطق بالحكم 
كان المتهم خلف القضبان يرتدي سترة سوداء غالية الثمن رفع القاضي مطرقته وهنا اخرج المتهم سيكاره الباهض من سترته وقام بإشعالها 
هوى القاضي بالمطرقه ناطقاً ببرائة المتهم من كل التهم والجرائم التي اقترفها 
وهنا ارتسمت ابتسامة النصر الخبيثه على وجه المتهم 
ساد الصمت فجأه ...وقف الناس ينظرون إلى القاضي مذهولين لم تكن تلك العقوبه الي يتوقعون ذلك الرجل كان يستحق السجن ماذا حدث  كان الزمن قد توقف 
كانت الناس تتمنى أن يقطع القاضي كل الخيوط كانت هناك صوت ضحك وقهقهه خلف الكواليس 
هل حقا هذه هي العداله ليس هذا ماكانوا ينتظرون 
قام المتهم من مكانه فاتحا باب السجن خرج وسار بين الناس إلى خارج المحكمه فقد كان السائق ينتظره فاتحا له باب السيارة الفارهه
ركب المتهم ثم اتجهت السياره إلى مكان مجهول للاحتفال ببرائة المجرم 
ثم دخل شخص غامض لقاعة المحكمه وقد اخذ بيد القاضي إلى خارج القاعه لم يكن القاضي اعمى ولكن الناس قد فهموا أن القاضي لايستطيع أن يخطو خطوة واحده في اي مكان من دون موافقة اناس مجهولين هم فقط من يتحكمون بالقضاء متى من يجب أن يرتدي القضاء تلك العصبة ويغلق عينيه ومتى يستطيع الحكم بالعدل 
تمنى الناس لو ان القاضي تمرد وقطع كل تلك الخيوط الحمراء 
خرج الناس إلى الشوارع، يطالبون بإلغاء نظام الخيوط، واستبداله بقضاة مستقلين، يُحاسبون ويُراقبون، لا يُقادون. 
محطمين تمثال العدالة وهم يصرخون 
إلى متى تبقى العدالة عمياء ....

بقلمي ...هديل احسان
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟