فلسفة السفالة
2022/07/31
 
640

عدنان شاكر 

 أمس ظل بصري شاخصًا في عمق الشاشات الفضائية العربية والأجنبية ، أتابع فيها أحداث العراق .. وأنا أشاهد الحالة المأساوية التي وصل إليها بلدي ، وبينما كنت أردد مع نفسي بيت الشعر الخالد للطغرائي : ماكنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمني  / حتى أرى دولة الأوغاد والسَفَلِ  .. حتى أعادتني الذاكرة لمقالة كتبها قبل ربع قرن الأديب العربي المصري الراحل رجاء النقاش تحت عنوان " فلسفة السفالة " .. حيث تمتلىء الحياة بأشخاص أشرار وأوغاد وأنذال وسفلة ، وهذا شيء طبيعي ولكن الغير طبيعي هو أن تكون للسفلة فلسفة يبررون بها أفعالهم وتصرفاتهم المشينة التي تبعث على النفور والقرف  .
التاريخ شهد نماذج كثيرة لفلسفة السفالة التي تدافع عن القبح والرذيلة وسوء الخلق .. وكان نابليون بونابرت أحد هؤلاء الذين تَوَصَلوا الى هذه الفلسفة حين قال لعدد من حاشيته ( لاحظت أن الشرفاء لا يَصْلَحون لشيء ) . عبارة نابليون كانت هي المدخل لفهم كل المجتمعات المضطربة ، ففى هذه المجتمعات يفشل الشرفاء .. وذلك لأنهم يصلون دائما إلى طريق مسدود ، فهم يعتمدون على الحق والعدل والأخلاص والأستقامة فى أوضاع لا ينفع فيها إلا المكر والخداع والدجل واللف والدوران والخيانة .
كذلك كان للأديب الفرنسي " بلزاك " رواية رائعة نشرها عام 1835 في باريس تقدم لنا نماذج أخرى لفلسفة السفالة إسمها ( الأب غوريو ) وصف فيها هؤلاء الذين يحاولون تزيين الشر ولا يشعرون بالسعادة إلا إذا تحققت على جثث الآخرين .. إذ يقدم بطل الرواية " فوتوران " نصيحة للشاب الطموح " راستنياك " يقول فيها : إني أرى على جبينك كلمة قرأتها بوضوح هي الوصول والوصول بأي ثمن .. أحسنت يا عبقري إنكَ تلائمني .. إعلم إنه ليست هناك مبادىء .. ليست هناك قوانين .. هناك فقط أحداث يجب إستغلالها والإنتفاع منها .. تخلى عن المبادىء والقوانين والشرف والأخلاق .
تطبيقات فلسفة السفالة في أحوالنا العراقية المتردية تجلت بأوضح وأنقى نموذج لها من خلال الطبقة السياسية الغارقة منذ عشرين سنة في السفالة من قمة الرأس حتى أطراف الأظافر .
 أس مصائب العراقيين هم الموالين للنفوذ الإيراني وتابعيهم من ذيول السنة والكرد ، ولن يعود العراق الوطن والتاريخ والحضارة  إلا بإسقاط واجتثاث هذه الطبقة السافلة التي دمرت البلاد وسَبَتْ العباد .
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟