الاعذار القانونية والظروف القضائية

2021/11/03

5314
القاضي المتقاعد حسن حسين جواد الحميري
٣/١١/٢٠٢١
الجريمة ظاهرة اجتماعية تشارك في تكوينها متغيرات كثيرة ومن هذه البواعث على ارتكابها لذلك قد جعل من بعضها القانون معفية للعقوبة او مخففة وهناك ظروف تستنتجها المحكمة من واقع الجريمة و المجرم وتسمى بالظروف القضائية وقد اخذ بها القانون تقديرا منه للظروف التي احاطت بالمجرم ودفعته الى مخالفة القانون.
الاعذار القانونية المنصوص عليها قانونا تطبق على الجميع والا تعرض الحكم الصادر بالادانة او التجريم للنقض سواء كان معفيا من العقوبة او مخفف لها.
والعذر على نوعين مادي وشخصي والمادي يستفاد منه جميع المشتركين بالجريمة اما العذر الشخصي فلا يستفاد منه الا من تحققت فيه الصفة التي وجد من اجلها العذر . والمشرع ينص على الاعذار حتى يشجع الاخرين على عدم اتمام الجريمة او مراعاة منه للظروف الاجتماعية التي تفرض عليهم ارتكابها او الحالة النفسية التي كان عليها الفاعل حين ارتكابه الجريمة كما في الاستفزاز الخطير وجرائم غسل العار ونقل المصاب الى المستشفى فجميعها تعتبر اعذار قانونية نصت عليها القوانين العقابية .
اما الظرف القضائي فهو ما تستنتجه المحكمه من الظروف المحيطة بالجريمة والحالة الشخصية للجاني ومن ثم تطبق العقوبة الملائمة والمناسبة عليه. هناك ظروف قد نص عليها القانون مخففة او مشددة ومثال للمشددة ارتكاب الجريمة بباعث دنيء او عدم المبادرة بنقل المصاب الى المستشفى او القتل مع سبق الاصرار والترصد وما نص عليه في باقي فقرات المادة 406 من قانون العقوبات في فقراتها الاخرى او ارتكاب جريمة السرقة بين غروب الشمس وشروقها .. الخ
كما ان هناك ظروف قضائية مخففة نص عليها القانون كما في حالة اجهاض المراة لنفسها خشية الفضيحة والعار .
وما هو جدير بالذكر ان القضاء العراقي استقر في عمله ومن اجل اعتبار الظرف القضائي مشددا والأخذ به في فرض العقوبة هو خطورة الجريمة وجسامتها وماضي الجاني ودوره الفعال في ارتكابها وفي اظهارها الى حيز الوجود كما استقر القضاء على اعتباره ظرفا مخففا كبر سن الفاعل او عدم فعالية دوره في الجريمة و سذاجته وسهولة التاثير عليه او عدم الحكم عليه سابقا او كونه من الذين ادوا خدمات للبلاد او للمجني عليه.
وعليه يجب الاخذ بنظر الاعتبار الظروف المحيطة بالجريمة وبالجاني لايقاع العقوبة لاصلاح المجرم وتحقيق الامن الاجتماعي فالعقوبة رادعة للفاعل وزاجرة لغيره فاذا اجتمعت ظروف مشددة مع اعذار مخففة فاستنادا للمادة 137 عقوبات اوجبت تطبيق الظروف المشددة اولا ثم الاعذار المخففة ثانيا ثم الظروف الداعية للرافة ثالثا فاذا تعادلت الظروف والاعذار جاز للمحكمة عدم الاخذ بها وتطبيق العقوبة المقررة بالنص ولكن في حالة تفاوت الاعذار والظروف فللمحكمة ان تاخذ بالاقوى منها سواء كان عذرا او ظرفا وماهو جدير بالملاحظة ان الاعذار القانونية منصوص عليه قانونا وليس للمحكمة استنتاجها اما الظروف القضائية مشددة او مخففة فمنها ما نص عليه قانونا ومنها ما ترك لتقدير المحكمة تستنتجه من الوقائع المعروضة امامها.والله ولي التوفيق