الشيخ الحقوقي/ سيف السعدي

بسمة تعالى 

كثرت في الآونة الاخيرة الشبهات حول مشروعية التقليد من هنا وهناك وخصوصًا في مواقع التواصل الاجتماعي، وابتعاد أكثر الناس عن الدين بسبب مشاغل الحياة العامة سبب لديهم التباسًا مضطربًا،وقد طلب مني بعض الأخوة الاجابة عن هذا الموضوع لأني من أهل هذا الاختصاص،فجرت عدة مناقشات حوله اختصرناها في سلسلة مقالات،ولستُ بصدد ذكر الجهات المنحرفة بل من باب دفع الشبهة ...

التقليد: (لغة) بمعنى جعل الشخص أو غيره ذا قلادة، فيقال: تقلّد السيف، أي ألقى حمّالته في عنقه، اما في الاصلاح هو رجوع الغير مختص الى المختص قبيل رجوع المريض الى الطبيب ورجوع الجاهل الى العالم وهذا مادل عليه سيرة العقلاء ومايثبت ذلك الايات القرآنية منها قال تعالى  وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ والروايات الشريفة التي ايدت ذلك نذكر واحده على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.. .

فهذا معاذ بن مسلم النحوي وهو من أكابر اصحاب الصادق (ع) كان يجلس في المجلس ويفتي الناس بأقوال الأمة جميعاً ، حتى قال له الامام (ع) يوما من الأيام بلغني أنك تجلس في المسجد وتفتي الناس ، أجاب نعم ، وكنت أود أن أسألك عن ذلك ، إذ يأتي الرجل فاعرفه على مذهبكم فأفتيه بأقوالكم ، ويأتيني الرجل فأعرفه على غير مذهبكم ، فأفتيه بأقوال مذهبه ، ويأتيني الرجل فلا أعرف مذهبه ، فأذكر له أقوال الأئمة وأدخل قولكم بين الأقوال ، فأشرق وجه سيدنا الإمام الصادق (ع) وقال أحسنت هكذا أنا أفعل...

فالدلالة كثيرة اما متى ظهر التقليد بهذا المعنى هو رجوع الغير الى المختص ؟

كانت عملية التقليد - ولو في مستويات خفيفة - موجودة ودائرة عند عامّة الشيعة، حتّى في زمن الأئمّة(عليهم السلام) لمن لم يتمكّن من الحضور عندهم، فكان يراجع المحدّثين وعلماء المذهب، لتلقّي معارف أهل البيت(عليهم السلام)، وأحكام الدين...

نعم، قد ظهر هذا الأمر على العيان، بعد الغيبة الكبرى للإمام الحجّة(عليه السلام)، وخصوصاً بعد غلبة الخطّ الأُصولي على طريقة الأخباريين في الحوزات العلمية، لكثرة الحاجة إليه، وازدياد فروع الأحكام في الحياة، ومحدودية النصوص الموجودة...

نسأل من الله قد اوصلنا شي بسيط للرد على هذه الشبهة.