
الدكتورة وصال الدليمي
نشرت وسائل اعلام اجنبية وعربية تقارير متعددة تتصف بالموضوعية، حول ظاهرة الجيوش الالكترونية ، والتحكم بمنصات التواصل من قبل جهات حزبية ودول ومنظمات ، ويجري ذلك من خلال حزم الحسابات المزيفة والوهمية ، وقد اطلق جمهور التواصل عليها مسميات متعددة منها – الذباب الالكتروني – الجيوش الالكترونية وغيرها ، واستفحلت هذه الظاهرة وافقدت المتلقي والمتفاعل الحقيقة ، بل تبدوا المنصات الالكترونية عاجزة عن الحد منها .
البروباغندا
البروباغندا أو البروباجندا : كلمة تعني نشر المعلومات بطريقة موجهة أحادية المنظور وتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص. وهي مضادة للموضوعية في تقديم المعلومات.
والهدف من هذا هو تغيير السرد المعرفي للأشخاص المستهدفين لأجندات سياسية. فهي سياسيًا تعني الترويج واقتصاديًا تعني الدعاية، ودينيًا تعني التبشير. بمنظور آخر البروباغاندا تعني الكذب المتعمد الذي يهدف إلى التسفيه، وكمثال على ذلك لو قرأنا مجموعة من المقالات عن موضوع واحد وكلها تخلو من سطر واحد من الموضوعيّة أو مصدر المعلومات فهذه بروباغاندا.
أصل كلمة بروباغاندا باللاتينية نشر المعلومات دون أن يحمل المعنى الأصلي أي دلالات مُضلّلة.
أما المعنى الحالي للكلمة نشأ في الحرب العالمية الأولى عندما أصبحت مصطلحاً مُرتبطاً بالسياسة ما دفع السياسيين لاستخدامها كوسيلة أساس في الصراع السياسي.
وكانت الوسائل الإعلامية المُستخدَمة في هذا المجال ، الإذاعة، التلفاز، الصحف، المجلات، منشورات تُعلَّق في الشوارع، أما في العصر السياسي الحديث تطور مفهوم البروباجندا تطورا ملحوظا بتعدد الحركات السياسية، والتنظيمات الحزبية السياسية ذات الفكر الديني أو المذهبي ؛ وبشيوع أنواع كثيرة من مواقع التواصل الاجتماعي التي أُستغلَّت لترويج الفكر السياسي لتلك الأحزاب والمليشيات التابعة لها؛ فصارت تلك التنظيمات تُطلق جنودها عبر منصات ومواقع مختلفة كتويتر، الفيسبوك، التليكرام، لبثّ المعلومة المضللة للجمهور، وقلب الحقائق وتزييفها، وتحربض فئات معينة من الشعب على فئات أخرى من باب سياسة ( فرّق تَسُد ) وبالنظر لاشتراك أغلبية طبقات المجتمع في هذه المواقع أصبحَ من السهل على تلك المليشيات الحزبية تسميم الفكر الجماعي لمحدودي الوعي في سبيل الحصول على أقصى حد من المكاسب السياسية ، وحماية تلك المكاسب من خطر تحرك المواطن ضدها..
تضليل منظم
تتكرر أساليب تلك الأحزاب في المنطقة العربية المسيطرة عليها، ونخص بالذكر العراق بعد تعدد أزماتهِ السياسية من حروب، واحتلال، وإثارة فتن طائفية، وطغيان المحاصصة المذهبية على حساب مبدأ المواطنة، فانطلقت عملياتها عبرَ منصات ومواقع التواصل الاجتماعي وبمسميات مختلفة، أو عن طريق إعلاميين معروفين، أو أشخاص يظهرون بأسماء مزيفة ليس لتضليل فكر الجمهور وحسب؛ إنما لمحاربة الرأي الحر لقنوات فضائية أو محللين سياسيين أو أشخاص تستضيفهم تلك القنوات، ووصلَ الأمر إلى التهديد بالتصفية الجسدية لكل من يعارض سياستهم، وتم تنفيذ بعضها باغتيال شخصيات سياسية وناشطين مدنيين..
مقترح
لابدّ من ظهور اعلام وطني منسق حرفي ومهني يقوم بعرض الحقائق ووجهات النظر الخلاقة ، ونشرها عبرَ منصات موثوقة لتفضح تلك المنصات والفئات المضللة، وتقوم تلك المنصات بنشر الوعي السياسي بين المواطنين ، وبأسلوب حواري يتمتع بالعقلانية، والحداثة ، والصدق، والإخلاص، وتوضيح كل الأكاذيب التي تعرضها تلك المنصات المضللة، ومواقع التنظيمات الحزبية التي تستهدف تشويه الحقيقة، لغرض التلاعب بعقلية المواطن وتشويش تفكيره لدواعي البقاء في السلطة.
المصدر : صقر للدراسات