هل انا شيعي ؟
2020/10/07
 
424
‎بقلم : احمد خضر
‎عندما يجري الحديث عن الشيعة والتشيع يتبادر الى الذهن الطقوس المرتبطة بتراجيديا كربلاء مبتعدين عن الجانب الاكاديمي لمدرسة دينية واسعة تفرعت منها مدارس كثيرة فنسمع الانتقادات تصدر من الكثيرين تجاه تلك الطقوس حتى من بعض الشيعة انفسهم وهنا لابد من التفريق بن الامرين بين التشيع كمذهب وبين التشيع كطقوس ... وقبل الخوض في ذلك لابد ان نوضح بعض المعلومات التاريخية المرتبطة بجوهر الطقوس الدينية التي تمارس ليس لدى الشيعة فقط بل لدى مختلف الديانات والاديان ... اقدم طقوس التشابيه تعود الى نحو 2500 سنة سطرها اسخيلوس في مسرحياته التي كانت تمثل شكلا من اشكال التشابيه الدينية التي تعمل على الجانب الوجداني لدى المواطن الاغريقي واليوناني وكانت تمتد لايام عدة حيث يتم محاكاة وسرد ميثولوجي للديانة الاغريقية ما يعطي حالة من التطهير الذاتي النفسي لدى المتلقي انذاك اضافة الى درس ديني تعليمي لما يمنحه من محاكاة سمعية وصورية تبقى راسخة في ذهن المتلقي .. ربما هذا الكلام يدخل بجانب البحث في نشأة الفنون المسرحية والتي انطلقت بالاساس من المعبد وبعد ذلك تحولت الى الكنيسة حيث اعتمدت الاديان والديانات على مختلف الطرق لايصال خطابها والتاثير على المتلقي وجدانيا لكسبه في صفها فكانت الفنون المسرحية والخطابة هي من اقدم الفنون التي ظهرت واستغلت دينيا بعد ان سبقها فن التصوير ( الرسم ) ... وهذه المحاكاة نراها ايضا في الديانة المسيحية عن طريق نصوص مسرحية وربما اقدمها هي نصوص سانت ريتولد التي قام فيها بمحاكاة الكتاب المقدس وصلب سيدنا المسيح عليه السلام وتحولت تدريجيا بمرور الوقت الى محاكاة لمعاناة القديسين خاصة تلك المعاناة التي واكبت فترة حكم الامبراطور الروماني نيرون وما كان يفعله بمعتنقي الديانة المسيحية ... لا اريد الخوض اكثر في تفاصيل تاريخ ونشأة المسرح العالمي ولكن جعلت ذلك مدخلا لمسألة اعتقدها جدا مهمة تتمثل في التسويق لفكر ومنهج معين او التعبير عن عواطف معينة تجاه حدث ما مرتبط بشخصيات كبيرة لها مكانتها الدينية عبر التاريخ .. فليس عيبا او سبة ان يتم استغلال كل الامكانيات الفنية لايصال فكرة ما تؤدي بالنهاية الى حالة التطهير الوجداني وهنا اشير الى طقوس الزيارات الدينية وابرزها تلك المرتبطة بعاشوراء واستشهاد سيدنا الحسين عليه السلام لدى المسلمين الشيعة سواء كانوا جعفرية او زيدية او اسماعيلية او غيرهم ... لهذا اقول ان من الخطأ الفادح اقران هذه الطقوس بمدرسة دينية معينة فهي حالة وجدانية تطهيرية كلنا بحاجة اليها بغض النظر عن المذهب وبغض النظر ايضا عن الديانة ... اذكر في عام 2018 في ليلة 31 كانون الاول ليلة رأس السنة زرت قداسا كنسيا بروتستانتيا في احدى كنائس لندن ووجدت حالة التطهير الوجداني في طقوس كنسية متواضعة وبسيطة ومحاكاة عن طريق اناشيد دينية لولادة سيدنا المسيح عليه السلام .. وهذا الامر ايضا وجدته في طقوس كنسية كاثوليكية وفي كنائس اخرى ولكن بشكل مختلف عن طريق اشعال النار والاحتفال من حولها وهناك كنائس اخرى تقوم بعمل مشاهد تمثيلية متكاملة عن صلب السيد المسيح ووضع الشوك على راس الشخص الذي يقوم بذلك الدور حتى ان بعض الذين يقومون بذلك الدور يلقون حتفهم او يتعرضون لاصابات بالغة كما روى لي احد الاصدقاء في البرازيل .. وبالتالي نحن امام فعاليات فنية مرتبطة دينيا بوجدان المتلقي ليصل الى حالة التطهير الوجداني وهي فعاليات ليست مرتبطة بديانة بعينها او مرتبطة بمجتمع ما او ثقافة معينة وانما هي حالة وجدانية عامة يشترك فيها اللاوعي البشري في كل زمان ومكان ... فاذا لماذا الاستغراب او الانتقاد الذي يشن على طقوس عاشوراء وما تمثله وجدانيا لدى الشيعة ؟ نعم انا شيعي عندما يكون الامر مرتبطا بمأساة كربلاء .. نعم انا شيعي عندما يكون الامر مرتبطا بتاريخ من الغضب والالم .. غضب ضد الظلم والم تجاه المظلوم .. اما ما يرتبط بالجانب الاكاديمي للتشيع كمذهب ومدرسة دينية فربما لي هنا وجهة نظر اخرى ترتكز على رفضي الكامل لكل اشكال المذاهب والمدارس الدينية .. نعم قد اطلع عليها ولكنني لست ملزما بتبني نمط معين يحدد لي سايكولوجيا كيف اتعامل مع ديانتي .. فبنظري ان ما يسمى بالمدارس الفقهية هي التي اسهمت في تدمير مباديء الديانة الاسلامية التي بنيت على اساس التحليل وليس التحريم ( الحلال وليس الحرام ) وبالتالي انا كناطق للغة العربية عندي كتابي الذي هو القران المنزّل باللغة العربية لارى من خلاله طريقي المتواضع وبكل بساطة ومن دون تعقيد ... فلست بحاجة الى من يعلمني كيف افهم واقرأ قراني الذي انزله سبحانه تعالى بلسان عربي لعلنا نفقه ونعلم .. فالمدارس الفقهية الاسلامية هي وجهات نظر لاصحابها تجاه الديانة المحمدية تمثل فهمهم لدينهم وسوقوا فهمهم للاخرين انطلاقا من ثقافتهم وبيئتهم وزمانهم ... لهذا اقول انني لست شيعيا ولست سنيا ولست من اصحاب اي مدرسة او مذهب .. انا مسلم .. مسلم ابراهيمي موسوي عيسوي محمدي ... مسلم يؤمن بوحدانية الخالق ويؤمن بكل انبيائه ورسله وعدم التفريق بينهم ... اما وجدانيا وعندما يتعلق الامر بالحسين وما يمثله من ثورة ونكران للذات وشهادة فاقول انا شيعي ... شيعي حد النخاع .
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟