
لندن – خاص
رفضت الولايات المتحدة الأميركية تشريع قانون «الحشد الشعبي» في العراق، رغم تأكيد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني على أنه جزء من «إصلاح المؤسسات الأمنية». وبعد يومين من مباحثات أجراها السوداني مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريا، بشأن «الاستقرار في المنطقة»، ظهر التباين والانقسام بين بغداد وأربيل إثر مكالمة هاتفية، الأربعاء، بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو.
ورغم تركيز المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية على الهجمات العنيفة الأخيرة ضد حقول النفط في إقليم كردستان، إلا أن الوزير روبيو أعرب عن «مخاوف الولايات المتحدة بشأن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي الذي لا يزال قيد المناقشة في مجلس النواب».
وتابعت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية تداعيات القضية، مشيرة إلى تشدد الوزير الأميركي في تحذيره من أن «تشريع هذا النوع من القوانين سيؤدي إلى ترسيخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة التي تقوض سيادة العراق».
من جهتها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، أن روبيو «أكد للسوداني ضرورة محاسبة المتورطين في الهجمات الأخيرة التي استهدفت البنية التحتية للطاقة في إقليم كردستان، بما في ذلك تلك التي تديرها شركات أميركية». وتحقق الحكومة العراقية في هجمات متكررة منذ أسابيع على حقول نفطية شمال البلاد، مع تقارير واسعة تربط هذه العمليات بفصائل شيعية.
وتركزت الهجمات، التي لم تعلن جهة مسؤولة عنها بعد، على حقول رئيسية مثل تاوكه، وبيشخابور، وعين سفني، وخورمالا، وسرسنك، ما تسبب في توقف مؤقت للإنتاج بنحو 200 ألف برميل يومياً، وألحق أضراراً بأصول شركات أميركية.
أما اللواء صباح النعمان، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، فأعلن الجمعة الماضية أن التحقيقات توصلت إلى أن المسيّرات المستخدمة «تحمل رؤوساً حربية بأوزان مختلفة ومصنّعة خارج العراق، لكنها أُطلقت من مواقع داخل البلاد».
وعبر الوزير روبيو عن دعمه لـ«عراق مزدهر، خالٍ من النفوذ الإيراني»، مؤكداً في تدوينة على منصة «إكس» أنه «تحدث مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بشأن الهجمات الأخيرة على شركات النفط، بما فيها شركات أميركية».
«الحشد» نقطة خلاف
ذكرت الصحيفة أن الحكومة العراقية قدمت رواية مختلفة نسبياً في لهجتها حول المكالمة بين السوداني وروبيو. إذ أكد المكتب الإعلامي للسوداني «دعم العراق لجهود تثبيت الاستقرار في المنطقة واستدامة اتفاقات وقف إطلاق النار ووقف العدوان». وأشار السوداني إلى «الاعتداءات الأخيرة على منشآت حيوية ونفطية في إقليم كردستان ومحافظتي صلاح الدين وكركوك»، واصفاً إياها بأنها «تستهدف الاقتصاد الوطني».
وأضاف البيان أن «الأجهزة الأمنية تتابع مصادر الهجمات مع التحالف الدولي لمحاربة داعش»، معبراً عن «استغرابه لتزامن هذه الهجمات مع اتفاق المبادئ بين وزارة النفط والشركات الأميركية لاستثمار حقول نفطية في كركوك وصلاح الدين».
ونقل البيان خلافاً بشأن قانون الحشد الشعبي، حيث أكد المكتب الإعلامي أن السوداني أوضح أن «طرح هذا القانون في مجلس النواب يأتي ضمن مسار الإصلاح الأمني الحكومي، وهو جزء من البرنامج الحكومي المعتمد»، مشيراً إلى أن هذا المسار شمل «إقرار قوانين مماثلة لأجهزة أخرى مثل المخابرات والأمن الوطني». وشدد السوداني على أن «الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية عراقية رسمية تعمل تحت صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة».
ويحاول تحالف «الإطار التنسيقي» تشريع قانونين للحشد، هما «الخدمة والتقاعد»، و«قانون هيئة الحشد الشعبي» المعدل الذي ينظم تجنيد المقاتلين، ويُعتقد أن الاعتراض الأميركي يركز على المشروع الأخير.
تركيز أميركي على العراق
يرى خبراء أن الملف العراقي بدأ يحظى باهتمام أميركي متزايد، خاصة في الأشهر الأخيرة. إذ يقول إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، إن «اتصال روبيو برئيس الوزراء يأتي في سياق الاستدارة الأميركية نحو العراق، التي بدأت بشكل غير رسمي عبر اشتراطات وتحولت إلى إجراءات رسمية، مثل فرض تعريفة جمركية بنسبة 30%».
وأضاف الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الولايات المتحدة بدأت تركز كثيراً على العراق بعد الهجمات الأميركية الأخيرة على إيران». وأكد أن «الاتصال كشف عن اشتراطات أميركية رسمية بشأن الحشد الشعبي والفصائل المسلحة، حيث بدأت واشنطن تشعر بأن النفوذ الإيراني يتعمق عبر القوانين، مما دفعها إلى التحرك الدبلوماسي المباشر».