(يونس) .. قصة مهاجر عراقي نجا من الموت في غابات بولندا
2022/08/02
 
1899

بغداد/ المورد نيوز

نجا الشاب العراقي ”يونس“ من الموت بأعجوبة في غابات بولندا، أثناء رحله هروبه من بلده إلى أوروبا عبر حدود بيلاروسيا.

”يونس“ البالغ من العمر 25 عامًا، من محافظة بابل، قُتل شقيقه الضابط في الجيش العراقي، وعندما قرر المطالبة بحقه، تعرض إلى تهديدات كثيرة خرج على إثرها إلى بيلاروسيا.

وتواصل الشاب وأصدقاؤه مع مهرب ليساعدهم على عبور بيلاروسيا وليتوانيا، ولكن عند وصولهم إلى العاصمة مينسك، تخاذل هذا المهرب معهم ولم يفِ بوعده.

وتم الاتفاق مع مهرب جديد، الذي قام بنقلهم إلى مدينة بريس على الحدود الليتوانية عبر سيارة تحميل، بحسب ما أوردته قناةThe black box على يوتيوب.

وقال يونس: ”عندما وصلنا إلى بريس تم تقسيمنا إلى مجموعات مكونة من 4 أشخاص، وكنت أنا قائد المجموعة لحيازتي الـ GBS“.

وأضاف: ”وصلنا إلى المنطقة المحرمة على الحدود، وقررنا قطع السياج الحدودي بالمقصات والعبور، وبعد تجاوز المنطقة المحرمة وصلنا إلى السياج البولندي وهناك ضبطنا حرس الحدود“.

وطلب الشاب العراقي، من المجموعة السكوت ليتكلم هو مع حرس الحدود بعد أن أخفى المقصات التي تم بها قطع السياج.

وتابع: ”قلت لهم بالإنجليزية إننا لم نقطع السياج، أشخاص قبلنا قاموا بقطعه، وعبرنا بعدهم، فصدّقوني وقاموا بمساعدتنا بإشعال الحطب لنشعر بالدفء، وفي اليوم التالي نقلونا إلى المنطقة المحرمة مجددًا“.

وأردف: ”قامت قوات حرس الحدود بإرشادنا إلى نقطة للعبور ومساعدتنا، ثم سرنا لحوالي 4 كيلومترات بجانب الحدود البولندية إلى أن وصلنا لنهر صغير يجب علينا اجتيازه“.

موقعة الغدر..!

كان أمام ”يونس“ وأصدقائه خياران، إما عبور النهر أو الدخول للقرية التي بجانبه، وهناك سيتعرضون لخطر الوشاية من قبل أهالي القرية.

لكنه قرر المخاطرة والتضحية بنفسه لعبور النهر أولًا، فسار باتجاه المياه وبدأ جسده يغمر بالماء وعبر النهر واصلًا إلى الطرف الآخر من الغابة، وانتظر أصدقاءه ليعبروا بعده كما هو متفق.

وقال: ”لم يبقَ لهم أي أثر، وكانت درجة الحرارة 12 تحت الصفر، وأنا مبتل بالماء، بقيت أنتظرهم لمدة دقائق لكنهم لم يأتوا“.

وظن الشاب أن خطبًا ما حصل لهم، فقرر العودة لتفقدهم، لكن في طريق العودة حصل ما لم يكن في الحسبان.

وأضاف: ”علِقت قدمي في مكان ما، وعندما سحبتها بقوة تهشمت، لم أعد أشعر بها، لكنني تحمّلت آلامي والخدر الذي أصاب قدمي، وعبرت إلى الطرف الثاني، لكنني أيضًا لم أجد أصدقائي“.

وبقي ”يونس“ يومًا كاملًا في الغابة يحاول التواصل مع أصدقائه دون جدوى إلى أن وصلته رسالة منهم، جاء فيها: ”لا نستطيع المجيء إليك.. وفقك الله، ليرد وقلبه يعتصر: ”يسر الله دربكم.. أراكم بخير“.

خيانة بطعم الحافز

بقي المهاجر العراقي في الغابة وحيدًا يعارك برودة الطقس وينتظر مصيره على وقع أصوات إطلاق النار التي تسمع بين الحين والآخر، وأصوات وخطوات الحيوانات المفترسة وشرطة الحدود.

وتابع: ”كانت رسالة أصدقائي قاسية ومخيبة، لكنها كانت محفزة جدًا لمتابعة الطريق والوصول إلى النجاح، فسرت مع رفيق دربي الذي كان رب العالمين“.

كانت العودة مجددًا إلى النهر وعبوره، قرار يونس، لكن هذه المرة مع قدم مكسورة.

وللمرة الثالثة على التوالي عبر النهر بقدمه المهشمة، وسار نحو الحدود البولندية ثم حاول التواصل مع المهرب الذي لم يجب على رقمه، فما كان منه إلا الاستنجاد لصديق له.

وأردف: ”تواصلت مع صديقي وقام بمساعدتي عن طريق مهرب آخر، لكن هذه العملية احتاجت يومين، قضيتها لوحدي في الغابة أصارع آلام قدمي“.

اتفق ”يونس“ مع مهرب جديد على نقطة جديدة، لكن الوصول إليها كان يستوجب عبور نهر آخر مياهه ضحلة جدًا.

وعن عبور النهر قال: ”وصل الماء إلى عنقي وفي الطريق علقت حقيبتي بغصن شجرة فاضطررت إلى تسلقها، وعندما عبرت النهر وجدت الطفح الجلدي قد غزا جسدي، لكنني نمت من شدة التعب، وعندما استيقظت وجدت الماء متجمدًا على ثيابي وجسدي“.

”بقي 7 كيلومترات إلى نقطة لقاء المهرب“، فمضى يونس وتابع رحلته وحيدًا.

واستكمل حديثه: ”استغرقت هذه الرحلة التي عبرتها لوحدي 6 أيام.. الشخص الطبيعي يحتاج يومًا واحدًا لعبورها، لكن وحدتي وقدمي المكسورة جعلتا المدة أسبوعًا، والـ 7 كيلومترات الأخيرات شعرت بأنها 700 ميل“.

وبعد عبور المسافة، وجد ”يونس“ مهاجرين سوريين فعرض عليهم مرافقته، حيث قال: ”وافقوا في البداية، لكن بعد مسافة قصيرة، اعتذروا منه، وأخبروه أنهم سيكملون طريقهم وحدهم“.

حل الظلام مجددًا عليه لوحده، فقرر الاستلام للنوم، لكنه استيقظ على ألم شديد في قدميه المزرقتين والمتورمتين، وهنا قال في قرارة نفسه: ”هذه هي النهاية“.

اتصل الشاب العراقي، بصديقه وودعه، وقام بتصوير تسجيل فيديو أرسله إلى أهله يتلو فيه وصيته، ثم ”استسلم للموت..!“.

الحطّاب المنقذ..

لكن النجاة كُتبت له على يد عمال غابات كانوا يقومون بتحطيب الأشجار في اليوم التالي، فوجدوه مغمى عليه وأسعفوه إلى المشفى.

استيقظ الشاب في اليوم الثاني على سرير المشفى، دون أن يتذكر تفاصيل ساعات الرحلة الأخيرة سوى أصوات عمال الغابات، وصوت سيارة الإسعاف.

وهنا قال ”يونس“: ”أخبرني الطبيب أنهم سينقلونني إلى مخيم للاجئين، لكنه وجد نفسه في سجن انفرادي استعدادًا للترحيل إلى العراق“.

بعد أيام قليلة أُطلق سراحه من المعتقل البولندي، وكان في استقباله صديقته البولندية، ومن بولندا انتقل إلى ألمانيا، وقدم اللجوء هناك، معلنًا نهاية رحلته الشاقة التي استغرق خلالها أكثر من 200 يوم على المعابر الحدودية الأوروبية.

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟