فايروس كورونا يلقي بظلاله على الأزواج.. زيادة ملحوظة بمعدلات الطلاق
2021/06/26
 
814

ليندا المرقبي/ المورد نيوز

أسوة بمعظم بلدان العالم، تشهد مئات الزيجات العراقية اليوم حالات طلاق وانفصال، فرضها واقع الحال المتردي من بعد تفشي جائحة كورونا فايروس، فلعل الجلوس في المنزل في ظل الحظر المفروض على السكان وقاية لهم من الفايروس. كان له أثر كبير في ظهور الخلافات والتوترات بين أزواج كان يلهيهم العمل، والحياة خارج المنزل عن طبائع الشريك، فيمر اليوم بسلام.

كورونا تفرق الازواج

لم  تكن (أسماء درويش) تتخيل أن يذهب بها الحال بأن تُمسي مطلقة من بعد خمس سنوات من الحب والزواج. وهي اليوم تعيش مع ابنتها الصغيرة مريم ذات العامين في منزل ذويها في منطقة الرشيد حي أجنادين، وتعمل جاهدة لإيجاد عمل يعيلها مع ابنتها، فالنفقة المترتبة على والد الطفلة لاتكفي, خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي فرضها الوباء.

بابتسامة باهتة تقول" طليقي يعمل موظفاً في مديرية الكهرباء، راتبه القليل كان يسد الاحتياجات الأساسية بمساعدة راتبي في قسم التمريض في أحد لمشافي الخاصة، لكن منذ تفشي كورونا العام الفائت خسرت عملي فتعسر حالنا، وجاء الحظر المنزلي ليزيد من شجارنا، كان عصبي المزاج دائماً وكنت أمّاً حديثة لابنتي رغد، وللأسف لم نجد وسيلة للتفاهم، ففضلنا الانفصال".

تضيف ملقية اللوم على الحظر الذي كان مفروضاً بشكل كلي" بقاؤه في المنزل طيلة اليوم جعلني اكتشف أشياء جديدة لم تكن بادية لي في فترة الخطوبة وبداية زواجنا، مثل تذمره الدائم، وعدم احساسه بمسؤولياته الأسرية، كاهتمامه بطفلته التي لا يحملها حين تبكي ويعتبر هذا من واجبي فقط، فلم استفد من وجوده الدائم في المنزل فترة الحظر عكس ماكنت اتوقعه أو آمل به".

لم نتمكن من سماع رأي طليق السيدة أسماء، فهو رفض الالتقاء بنا متذرعاً بانشغاله. وكان قد طلق زوجته في المحكمة بشكل رسمي، الأمر الذي لا نراه في معظم حالات الطلاق الحالية في العراق.

 

 

القانون العراقي في مواجهة العادات والتقاليد العشائرية

عند باب محكمة الأحوال الشخصية في منطقة الكرادة في قلب العاصمة العراقية بغداد، تقف المحامية (هناء عواد) مع موكلتها ام فاطمة التي جاءت من اليوسفية في أطراف بغداد بصحبة زوجها وابنتها فاطمة لتثبيت طلاق ابنتها من زوجها الذي طلقها غيابياً.

تشرح المحامية (عواد) حيثيات الدعوى، تقول" أم فاطمة جائت لتثبت طلاق ابنتها التي تم تزويجها منذ 3 سنات وكانت قاصراً حينها، لذلك نعمل على تثبيت الزواج ومن ثم تثبيت الطلاق، فللأسف حالات الزواج خارج إطار القانون باتت منتشرة بشدة، وغالباً ما يتم زواج القاصرات بعقد شرعي (عند الشيوخ أو الملالي) كحال موكلتي فاطمة، ثم يلجأ المتزوجون بعد سنوات إلى تثبيت زواجهم لدى المحاكم، وبعدها يحصل الطلاق، فيصبح القضاء والمحاكم تحت الأمر الواقع حينها".

وعن دور القانون في الحد من ظاهرة الطلاق، تقول" وفقاً للمادة 39 من قانون ‌‏الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، والتي تنص على وجوب إقامة الدعوى في المحكمة ‏الشرعية، لمن يريد الطلاق والحصول على حكم، إلا أنه هناك نحو 70% من حالات الطلاق تتم خارج تلك المحاكم، حيث يلجأ كثيرون إلى المكاتب الشرعية لتوقيع الطلاق تفادياً لمحاولات الصلح التي يقوم بها القضاة في محاكم الأحوال الشخصية. المحاولات القانونية كانت مع المشرِّع العراقي حين أصدر عام 1985 التعليمات رقم (4)، التي أعطت مساحة واسعة للباحث الاجتماعي لثني المقبلين على الطلاق، إلا أنه بعد عام 2003 لم يعد دور الباحث الاجتماعي مجدياً بسبب ازياد الحالات".

تضيف عواد " تعليمات مجلس القضاء الأعلى، أقصد قواعد تنظيم البحث الاجتماعي رقم (1) لسنة 2008 لم تحد هي الأخرى من الطلاق إلا بجزء يسير، فختاماً المشكلة ليست قانونية، لأن القضاء لا يملك الأدوات اللازمة لحل مشكلة الطلاق، التي ترتبط بأسباب أمنية واقتصادية واجتماعية".

 

الفضاء الالكتروني ينشط في ظل كورونا

الناشط الاجتماعي والأستاذ في علم النفس في الجامعة المستنصرية في بغداد (عبد الغني الخفاجي) يعتبر أن العامل الرئيسي لارتفاع معدلات الطلاق هو التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، والتي نشط استخدامها بعد تفشي كورونا والبقاء في المنازل. يقول" إن تعدد وسائل الاتصال والتطبيقات الحديثة والاستخدام السلبي لها، رفع من حالات الطلاق، حيث تتسبب العلاقات غير المشروعة عبر النت بمئات المشاكل الزوجية، والتي قد ينتهي جزء كبير منها بالطلاق"

يضيف مشيراً إلى خطر العادات الجديدة التي تبرزها مواقع التواصل" الجلوس في المنازل في ظل الحظر المنزلي زاد من معدل استخدام مواقع التواصل. ما أدى إلى تحول بعض عادات العراقيين. فمن ضمن الأمور الدارجة والتي يروج لها كثيراً عبر النت، انتشار عيادات التجميل النسائية، التي تودي ببعض الأزواج بمقارنة زوجاتهم مع الموديلز والفنانات. أيضاً ظاهرة النساء المدونات، وانفتاحهن في المجتمع، أدت لتمرد بعض النساء على أزواجهن بدون إدراك لماهية هذه الحالة، وما تسببه من تفكك الأسرة."

أرقام واحصائيات تنذر بالأسوء

سجلت المحاكم العراقية أكثر من 6000 حالة طلاق في شهر آذار عام 2021، بحسب إحصائية نشرها موقع مجلس القضاء الأعلى العراقي. وأكثر من 4000 حالة من هذه الحالات كانت خارج المحكمة، تم تصديقها لاحقا. في المقابل سجلت المحاكم العراقية نحو 31 ألف حالة زواج في الشهر نفسه، بما يعني أن حالات الطلاق وصلت إلى 20 بالمئة من مجموع حالات الزواج تقريبا.

وكانت للعاصمة بغداد النصيب الأكبر بعدد يناهز 3 آلاف حالة طلاق، بينما احتلت محافظة ميسان (جنوب شرق البلاد) ذيل القائمة مسجلة 100 حالة طلاق فقط .

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟