النساء المعنفات بالعراق.. خيارات محدودة للنجاة ومناشدات لفتح دور ايواء لهن
2021/06/24
 
478

أحمد عباس

لا يزال العنف الأسري مشكلة خطيرة في العراق، ووفقاً لإحصائيات رسمية، فإن كل امرأة واحدة من أصل خمس نساء تتعرض للعنف الجسدي على يد الزوج والأهل بمستويات مختلفة من الأعمار، وبلغت نسبة النساء الحوامل منهن حوالي 14% وتزداد نسبة النساء اللواتي يعشن ظروفا أسرية قاسية تحت تسلط تعسفي من قبل الزوج لتصل نسبتهن إلى 83%، في حين تعاني 33% من النساء من العنف النفسي بمختلف أشكاله، من إهانات وتهديد وإذلال".
في 12 أبريل/نيسان، ظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لامرأة في مستشفى مُصابة بحروق شديدة. قالت والدتها إن "ابنتها تزوجت قبل ثمانية أشهر من رجل شرطة سمح لها بزيارة والديها مرة واحدة فقط منذ ذلك الحين"، مضيفة بتاريخ 8 أبريل/نيسان إن "الزوج اتصل ليخبرها أن ابنتها تعرضت "لحادث حرق بسيط" وهي في المستشفى".
 وأكملت الأم، إن "الشرطة أخذت إفادة ابنتها بينما كانت هي ممنوعة من دخول الغرفة. في 11 أبريل/نيسان، عندما تمكنت من دخول غرفة المستشفى، أخبرتها ابنتها أن زوجها ضربها بشدة في 8 أبريل/نيسان لدرجة أنها سكبت البنزين على نفسها وحذرته من أنه ما لم يتوقف، ستضرم النار بنفسها، لتنتهي حياتها بعد اقل من اسبوع من رقودها في المستشفى".
59 بالمئة من النساء يجهلن حقوقهن
من جانبها تقول رئيسة منظمة "أوان" فريال الكعبي أن "زيادة ظاهرة تعنيف النساء تعود لأسباب اجتماعية واقتصادية مع غياب الرقابة القانونية والوعي والثقافة القانونية لدى النساء، فهناك 59% من النساء يجهلن حقوقهن، وهناك القبول بالعنف كنمط ثقافي سائد في المناطق الريفية، حيث 70% من النساء يتقبلن العنف بشكل طبيعي".
وتقول الناشطة النسوية والمتحدثة باسم منظمة حرية المرأة العراقية جنات الغزي إن "منظمتها عملت منذ العام 2003 على إيواء العديد من المعنفات في دور آمنة سرية، واستقبلت المنظمة خلال الشهرين الأخيرين لعام 2018 أكثر من 52 امرأة معنفة برفقة أطفالهن".
وتواجه منظمة حرية المرأة إلى جانب المنظمات المختصة العديد من التحديات، أهمها مواجهة العشائر التي تنتمي لها المعنفات وصعوبة تحصيل أوراقهن الثبوتية، فضلا عن وجود بعض القوانين التي تبرر جرائم قتل النساء غسلا للعار، بالإضافة إلى قلة الدعم.
وتؤكد مسؤولة ملف المرأة في المفوضية العليا لحقوق الإنسان فاتن الحلفي تزايد أعداد النساء المعنفات في العراق خلال الآونة الأخيرة في ظل غياب دور الإيواء الحكومية والخاصة.
وأشارت إلى أن مشروع قانون للحماية من العنف الأسري يراوح مكانه في مجلس النواب العراقي منذ سنوات عدة بسبب معارضة بعض الجهات الحزبية".
ما المهرب؟
هناك طريقتان على ما يبدو - رغم عدم ثبوت فعاليتهما في الوصول لحل حقيقي لجريمة العنف المنزلي: الأولى هي اللجوء للشرطة المجتمعية والثانية هي دور الرعاية.
الشرطة المجتمعية جهاز تابع لوزارة الداخلية العراقية، ليست جهة قضائية ولا تنفيذية، ولديها مقرات في الكرخ والرصافة، وفيها عناصر نسائية لسهولة التواصل مع النساء. ولهذا الجهاز دور توعوي تثقيفي حول ثقافة العدالة التصالحية.
ورغم أن مهمة الفريق التوصل إلى الصلح، إلا أنه في حال رفض الضحية للصلح ورغبتها في تسجيل شكوى، توجه الشرطة الضحية وتساعدها بتوثيق الإصابات الناجمة عن التعرض للتعنيف.
ويمكن للنساء التواصل معهم لطلب المساعدة عبر الخط الساخن (497) أو عبر خطوط الأعضاء الشخصية.
أكثر الحالات هي تعنيف الزوج لزوجته
وتقول منتسبة بالشرطة المجتمعية العراقية رفضت الكشف عن اسمها، إن "أكثر الحالات التي لمست تكرارها - بحكم عملها بالرد على المناشدات - هي تعنيف الزوج لزوجته، وتعنيف الأب أو الأخ للمطلقة بحكم عقلية المجتمع العشائري والشرقي الذي يرفض خروج المرأة المطلقة للاندماج بصورة كاملة وطبيعية مع المجتمع"، مبينة أن "محور عمل الشرطة المجتمعية القائم حول الصلح بين المعنّف والضحية يبدو مقلقا للبعض".
وتضيف أنها "تلقى تجاوبا من الشرطة المجتمعية التي تتواصل مع فريقها للتوجه إلى منزل ضحية العنف وحل المشكلة وأخذ تعهد من المعتدي، لكن فكرة المصالحة إشكالية بالنسبة لها؛ إذ تقول إن الفتيات المعنفات لا يكن في موضع حماية كافية كما أنهن قد يجبرن على موضوع الصلح فترجع الضحية لبيت المعنّف "وسمعنا عن حالات كثيرة تختفي فيها البنت فيبلغ الأهل عنها لكنها تكون قد هربت أو قتلت أو انتحرت".
وتشدد الناشطات النسويات على ضرورة منح منظمات حقوق الإنسان المعنية بالمرأة موافقات رسمية لفتح دور إيواء للمعنفات إلى حين تشريع قانون الحماية من العنف الأسري.
ولم يكن حال فاطمة ذات الـ19 عاما أفضل من حال الفتاة التي ماتت حرقاً، فقد هربت من المنزل بعد أن ذاقت مرارة العيش بسبب أخيها وزوجته اللذين كانا يعاملانها بقسوة وإذلال وحاولا تزويجها ببائع مخدرات، وهو ما رفضته.
وتقول إنها "قررت الهروب من منزل أخيها لتلجأ إلى بيت صديقتها التي لم تؤوِها سوى يومين، وبعدها أخبروها بأنهم يخشون القتل ثأرا بيد عشيرتها التي تبحث عنها في كل مكان، فسلموها إلى منظمة مجتمع مدني وبقيت تتنقل من منظمة لأخرى دون جدوى لتستقر أخيرا مع مسنة مقابل رعايتها".
الفتاتان نموذجان من آلاف القصص الحقيقية التي تعيشها النساء المعنفات في العراق ومعاناتهن من العنف والتحرش والاستغلال، التي يبدو أنها لن تنهي.
"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا".
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟