2025/10/27
96 زهراء موسى جابر
باحثة في الشأن السياسي
تشهد الساحة الانتخابية العراقية في هذه الدورة حضوراً نسوياًلافتاً وغير مسبوق على امتداد القوائم الانتخابية، إذ ارتفع عدد المرشحات بشكل واضح، وبرزت أسماء نسائية ذات خلفيات أكاديمية وسياسية قوية؛ الا ان هذا الزخم يطرح تساؤلاً جدلية لا يمكن تجاهله: هل هذا الحضور علامة على تحول حقيقي في المشهد السياسي العراقي، أم أنه مجرد إعادة إنتاج للمشهد ذاتهبوجوه جديدة؟
منذ اعتماد نظام الكوتا النسوية، بات حضور المرأة محكوماًبإطار شكلياً أكثر مما هو فعلياً، فكثيراً ما كان يُنظر إليه كضرورة قانونية لا كحق سياسي فعلي، الا انه مع تصاعد عدد المرشحات في السباق الانتخابي لعام 2025، يبدو أن المرأة بدأت تروم لحجز مكاناً في الساحة السياسية ليس تمثيلاً فحسب، وانما لممارسة الضغط والتأثير على صناع القرار.
ورغم هذا الزخم، تبقى الإشكالية قائمة: هل تعكس هذه المشاركة قناعة سياسية متنامية بقدرة المرأة على صنع القرار، أم أنها تحرك براغماتي تستخدمه القوى الحزبية لتحسين صورتها وكسب أصوات جديدة؟ فبعض القوائم لم تُدرج المرشحات عن إيمانٍ بتمكين المرأة بقدر ما فعلت ذلك تماشياً مع متطلبات الرأي العام، أو استجابةً لضغط اجتماعي وإعلامي متصاعد.
الا انه من جانب اخر، لا يمكن إغفال أن الغالبية من المرشحات قد دخلن المشهد من موقع المبادرة، مدفوعاتٍ برغبة حقيقية في كسر الاحتكار الذكوري للمجال السياسي، وفي تقديم خطاب إصلاحي جديد يتجاوز الهويات الحزبية والطائفية نحو أولويات التنمية والعدالة والمساءلة، فهذه الظاهرة قد تمثل بداية وعي سياسي نسوي مختلف، يتعامل مع الكوتا النسوية لا كمنحةٍ تشريعية، وانما كمنصةٍ لإعادة بناء مفهوم المشاركة.
ويبقى الرهان في النهاية على ما بعد الترشيح: هل ستنجح المرشحات في ترجمة الحضور العددي إلى تأثير نوعي داخل البرلمان؟ وهل سيستطيع المجتمع (الناخب والناخبة) من تجاوز الصورة النمطية ليمنح صوته للكفاءة لا للانتماء؟ فالتجربة المقبلة ستكون اختباراً مزدوجاً: للمرأة أولاً في إثبات قدرتها على الفعل، وللنظام السياسي في قدرته على قبول شراكة حقيقية في القرار.
ومن أجل ان تتضح الإجابة، سوف يظل المشهد الانتخابي معلقاًبين الكوتا والمكانة... بين التمثيل الإجباري والمشاركة الواعية، وبين وعد التغيير واحتمال تكرار الصورة القديمة بمظهر جديد.