بمناسبة هروب سجناء من سجن الحلة

2025/05/03

378
٣/ايار/٢٠٢٥
بقلم القاضي المتقاعد حسن حسين جواد الحميري
عام ٢٠٠٩ سافرت الى المانيا الاتحادية ضمن وفد قضائي ضمن مشروع الاتحاد الاوربي وكانت لنا محاضرات في السياسة الجنائية واطلاع على النظام القانوني والقضائي الالماني في ولاية ليوبك الالمانية وعلى هامش هذه المحاضرات كانت لنا زيارة الى سجن في هذه الولاية التي تبعد عن ميونخ حوالي ثمانون ميلا وقد اكمل بناؤه عام ٢٠٠٣ ممالاحظناه في هذا السجن هو ان اي محكوم عليه وبعد الحكم عليه من المحكمة بالحبس او السجن لا يدخل اي سجن في الولايات الالمانية ان لم يكن هناك مكانا ومتسعا فارغا فيها حسب المقايس العلمية والصحيةليدخله المحكوم عليه ولتطبق علية الخطة الاصلاحية علية ويبقى المحكوم عليه خارج السجن حتى يتوفر هذا المتسع ويبقى القاضي الذي قام بالحكم عليه متابعا لقضية اصلاحه حتى يتيقن من تحقق الاصلاح فيقوم باطلاق سراحة من السجن ولا يحق لاية جهة الاشراف على اصلاح السجين حتى ادارة السجن ذاتها،علما توجد اساليب اخري للحبس غير السجن ومنها الاعتقال في دار السجين اذا اراد او في داراخرى توفرها المنظمات الاجتماعية لهذا الغرض عن طريق الايجار او التبرع او غيرذلك ،وقد يمارس المحكوم عليه عمله في معمله في النهار الاانه يقضي ليلته في السجن نهارا في الحالات التي لاتنبئ عن خطورة اجرامية للمحكوم علية.
ومما شاهدناه هو عدم وجود مظاهر مسلحة من حمايات او غير ذلك وقد فسروا لنا الامر بان السجن مراقب عن طريق الكامرات
وكانت مديرة السجن امراةويصاحبها تنفيذا لاوامرها مفوض التي تبديها شفاها ويقوم بتدوينها اثناء جولتها في السجن ليتم المباشرة بالتنفيذ بعد انتها الجولة.
اما مكان النزلاء فثق ان هذا السجن كان انظف من مستشفياتنا ولكل نزيل غرفة مستقله تقريبا ٢في٣ ونظيفة جدا وفيها تلفزيون ورقعة شطرنج ومجلات وكتب ومرافق صحية ويسمح للسجناء بالتزاور بينهم
واذا حصل عدم التزام السجين بنظام السجن فتسحب منه بعض هذه الميزات
ويسمح لزوجة السجين بالمبيت مع زوجها في غرفته في السجن ليلة واحدة
كما هناك ورشة يتعلم فيها السجناء النحت والرسم وباقي الفنون وللسجين اهداء نتاجه الفني لاهله او لحبيبته حسبما هو يقرر علما ان المواد الخام تتحمل كلفتها الدوله،ومماشاهدته ايضا ان ادارة السجن تراعي رغبات السجين فتوفرها له ففي السجن التقينا باحد الشباب المتخصص بسرقة السيارات وامامه عشرات المحلات الخاصة بالسيارات وموديلاتها وقد اوضحوا لنا بانه يجب عدم حرمان المحكوم من ممارسة هواياته وانما يحب تنفيذها وتحقيقها له.
كذلك هناك صفوف دراسية ينتظم فيها المحكومين ليتلقوا فيها العلوم مجانا وفي مختلف المراحل الدراسية
الغاية لديهم هو اصلاح السجين واعادته معافي الى بيئته ومجتمعة وليس القسوة عليه او ايذائة او الاساءة الى كرامتة او تكليفه باعمال سخرة او ماشابه…
اعتقد جازما لو توفرت الارادة السياسية لتحققت هذه الامور لدينا خلال فترة قصيرة فهي رعاية اجتماعية وليست تكنلوجيا صعبة الاستيراد كما ان مردودها الاحتماعي سيكون سريعا من خلال قلة الجرائم التي سترتكب ذلك ان الانسان حسبما اثبت علم الاحتماع الحديث هو ابن البيئة فقط وليس كما كان سائدا سابقا من كونه نتاج البيئة والاستعداد الوراثى التي اصبحت نظرية قد عفى عليها الزمن..
ظاهرة هروب السجناء من سجن الحلة الاصلاحي يجب ان لاتمر على السياسين والمختصين بالشؤون الاجتماعية مر الكرام بل يجب عليهم زيارة السجناء في هذا السجن وغيره من مؤسسات اصلاح في كافة انحاء العراق والعمل على تطوير العمل الاصلاحي لهذه السجون بما يتطابق والمعاير العالمية خاصة ونحن نعيش عهدا ديمقراطيا لابد فيه من احترام الانسان وكرامته والنظرة الى السجين كونه انسان اساءت الظروف في التعامل معه ولم تعطه حقه مثلما منحت لاخرين من اسباب الثراء والحياة الكريمة.
والى موضوع اخر والله ولي التوفيق