2024/03/14
1164
كتب/ زيد شبّر
كنتُ في حديث مع أحد أساتذة الإعلام بإحدى الجامعات، وتطرقنا إلى التحول في الأجيال ومتغيرات الحياة الاجتماعية، وكانت وجهة نظري أن جيل السبعينيات والثمانينيات هما يتقاربان في الأفكار، وهو جيل قارئ، وثوري، بينما من 1995، حدث تحولاً هاماً في أفكار الشباب الذين عاشوا الثورة الرقمية، حتى بات يطلق عليهم "الجيل الرقمي" نسبة إلى تزامن ولادتهم بانطلاق الهواتف النقالة والشاشات الحديثة، والـ"آي باد"، أو الجيل الأميركي، لتزامن طفولتهم مع إدخال الولايات المتحدة الديمقراطية إلى البلاد، بالمقابل كانت وجهة نظر أستاذ الموقر، أن أهم ما فقدناه في هذا العالم أو الجيل أن نسبة كبيرة فقدت جزء من مبادئ أخلاقها، جعلت المصالح هي العصب الرئيس في سلوكياتها وحتى مواقفها ووجهات نظرها، وقال إننا نبحث عن أشخاص "ولد العوائل" وهنا يقصد الذين حصلوا على تربية جيدة وهم صالحين.
تأثرتُ كثيراً بهذا الحوار الخاص، الذي فرض عليّ أن أكتب للتاريخ عن شخصية ربما يرفض أن يكتب عنه أحد، لكنني أراه جزء من واجب أخلاقي فضلاً عن أن يكون مهنياً، خصوصاً وأنه تعرض إلى حملات ظالمة من أشخاص في السلطة ومن قوى سياسية مختلفة.
تعرفتُ على الدكتور نبيل جاسم عالِم الإعلام وقائد المؤسسات وأنا في سن صغيرة بمشواري الصحفي فضلاً عن العمر، لا أعرف كيف يُدار الرأي العام وكيف تتم صناعة خطاب يثق به الجمهور دون التأثر بالضغوط ودون خوف ودون كلل أو ملل، وبلا إساءة للأفراد أو المعتقدات أو الدخول بخصوصيات الناس وحتى السياسيين.
أما عن نبيل جاسم القائد والمدير فهو الشخص الذي تراه كأبيك تخشى نظراته وتروق لك ابتسامته العظيمة، الخوف من نظراته يأتي بسبب الحب له لا الرعب منه، النبيل الذي يمتلك مزاجاً في تدريب الكثير من الشباب بشكل مستمر، حتى أنه خلال تدريسه لقسم الصحافة أن العشرة الأوائل يضمنون عملهم قبل التخرج في المؤسسة التي يترأسها أو إرسالهم إلى مؤسسات أخرى مستخدماً علاقاته الشخصية بتلك المحطات، وهو القائد الذي يتدخل بكل صغيرة وكبيرة في العمل، سواء بالشكل أو المضمون، يحرص لدرجة أن يرَّكز بالحركة الإملائية أو الحرف الإملائي، يرفض إزعاج الجمهور وإرسال إشعارات التطبيقات الإخبارية بعد منتصف الليل.
يكتسب العاملون مع الدكتور نبيل خبرةً كبيرة، حتى يتحولوا من أشخاص كانوا طامحين إلى محترفين لأن عالم نبيل لا مثيل له في معظم وسائل الإعلام، لا يرغب أن يكون الصحفي يُعامَل بالحضور والانصراف إلى العمل، لكنه شديد على الإنتاج الإعلامي، يشَّجع على المنجز يُسائِل على التقصير.
وعن إنسانيته، لم أرى شخصاً خلال 34 عاماً من العمر بإنسانية د.نبيل جاسم، يعامل الصحفيون في مؤسسته كالرعية، يسأل عن أحوالهم وأحوال عوائلهم باستمرار، يقف مع كل محتاج، الهدايا تتدفق والإجازات تكون مفتوحة بوجود مناسبة زواج أو ظرف عائلي، وإذا أخبره أحد أن هناك مريضاً بحاجة إلى مساعدة وهو محتاج يساعده مالياً من دون أن يعرف ما هو مرضه وبدون أي إعلان.
أما فيما يخص السخاء والكرم، فمستوى كرمه مع الصحفيين في تحديد الأجور فيكون من النوادر، لذلك ترى أن فريقه يتمسكون به من الناحية المهنية والولاء له لأن أكثر من 98% من العاملين ضمن فريقه هو الذي قدم دعماً لا محدوداً ولو تتم العودة إلى البدايات فأنهم قبل نبيل جاسم لا شيء وبعده كل شيء خصوصاً فيما يتعلق بالجانب المالي والمهني.
وهو دائما يشدد على عدم الترويج أو التطرق أو الكتابة عنه بهذه المواضيع ويرفض الدفاع عنه في عالم الأنترنت إلا انني والأصدقاء في فريقه نصرّ على الكتابة عنه ونتلقى اتصالاً ودياً من أب لا يقبل بهذا التصرف.