الهجرة من الريف للمدينة
2024/01/26
 
81


القاضي المتقاعد حسن حسين جواد الحميري
٢٥/١/٢٠٢٤
أثار لدي موضوع هجرة الفلاح من الريف إلى المدينة الذي قام بنشره الاستاذ الفاضل والمتميز نبيل الربيعي قبل فترة نقاطا أخرى تتداخل مع ماذكره في البحث المنشور وددت الإشارة إليها.. 
الهجرة ظاهرة انسانية قديمة وهي لاتختص بالإنسان فحسب وإنما تمارس هذه الظاهرة كائنات حية كثيرة في البر و البحر و الجو.  واحد معاني الهجر في اللغة يعني الترك.
هناك عدة عوامل ومتغيرات تؤدي بالإنسان إلى الهجرة  من ارضه وموطنه إلى موطن اخر  وهي تكون جماعية وقد تكون فردية ومن  اسبابها الاستيطان  بعدالغزو العسكري  الاستيطاني كما في الفتوحات العسكرية القديمة وخاصة الدينية وقد يكون سببها بحث الناس عن الماء والكلإ ليجدوه في مكان أو إقليم معين ليستقروا فيه مؤبدا كما هو حال القبائل العربية وغير العربية قديما  وماحصل من هجرة للامريكيتين بعد اكتششافها من قبل كولموبس وهناك سبب ثالث هو بحث المهاجرين عن حياة حديثة تتوفر فيها الأمن والأمان  والحرية كما في  هجرة جماعات كثيرة من شعوب العالم الثالث وخاصة شعوب الشرق الأوسط وقد يكون الغرض منها  عنصريا من خلال تكوين دوله تقوم على رابط عنصري ديني كما في إسرائيل، وهي هجرة ممقوتة لأنها تسلب حق شعب أمن في العيش على ارضه . ولابد من الإشارة ان الغربيين وبخاصة الأوربين حينما يهاجرون تكون هجرتهم قائمة على سفك الدماء انهارا وهذا ماحصل في فلسطين حيث زهقت أرواح الملايين من الشعب الفلسطيني والعربي وكذلك ماحصل للهنود الحمر الذين قتل منهم الأوربين مائة وعشرة مليون  حيث تم ابادة شعبهم  ولينصهر القليل الناجي منهم مع ثقافة الغازي،  ومن اسباب الهجرة الحروب الاهلية الداخلية التي تحصل في البلدان التي يتقاتل أبناء قومياتها او اقلياتها او  طوائفها الدينية بسب التعنصرللعرق او  بسب عدم وعي الفلسفة الاديان القائمة على المحبة. كم هناك  تهحير قسري سياسي كما في حالة تهجير الأكراد من مناطقهم إلى الوسط والجنوب العراقي، كما هناك هجرة علمية حيث تكون الهجرة من أجل الحصول على العلوم ومن ثم العودة للوطن الام وقد يفضل المبتعث البقاء في دار الغربة بالنظر للامتيازات التي يحصل عليها جراء بقائه هناك ويدخل في هذا النطاق هجرة الرحاله لاكتشاف البلدان  وقد تكون الهجرة فرار من جرم او ذنب ارتكبه المهاجر  وقد تكون الهجرة لأسباب تجارية ومن ثم الاستقرار في ذلك البلد المراد المتاجرة معه 
اما فيما يتعلق بهجرة الفلاح من الريف العراقي إلى المدن داخل البلد  فهناك فلها  عدة اسباب  لتدهور حالته الاقتصادية  ليس فقط بسب استغلال الشيوخ الذي اعتقد انه امر مبالغ من قبل الأحزاب السياسة  في اوخر خمسينات القرن العشرين المنصرم ذلك ان الأنظمة الثورية قد ضخمت إعلاميا الجور والعنت الذي كان يلاقية الفلاح من المالك الذي يمكن اعتباره في الحقيقة سببا ثانويا مقارنة بالسببين التالين:
 الاول هو جفاف الانهر  بسب المناخ وسؤء إدارة الموارد المائية لنهر ي دجلة والفرات وعدم وجود السدود المنشأة بصورة علمية وخاصة في وسط البلاد وجنوبها الأمر الذي   لا يؤدي للهجرة ليس للمدن القريبة فقط وإنما من وادي الي وادي ومن مدينة لمدينة  كما حصل في هجرات العشائر  في الماضي القريب من وادي دجلة إلى وادي الفرات وبالعكس وهو امر لازال الفلاح العراقي يعاني منه وبشده وخير مثال هو هجرة الفلاحين حاليا في محافظة ذي قار وبعض المحافظات الجنوبية وقسم من محافظات الوسط  قراهم الي المدن بعد نفقت حيوانتهم و أصبح توفر الماء لغرض الشرب أمرا صبعا وبعيد المنال ولم تستطع جميع الأنظمة الثورية وغير الثورية من حل هذه الاشكالية.. 
 والسبب الثاني (سبخ الأرض وملوحتها) لان السهل الرسوبية تكون بفعل تجمع طمى النهرين الخالدين دجله والفرات  في البحرالذي كون السهل الرسوبي.. هذه الملوحه التي دائما ترتفع إلى الأعلى بفعل الخاصية الشعرية، فاصبحت الأرض العراقية تضعف وبشكل تراكمي سنه بعد سنه.. كما أن انشاء سدة الهندية والسدود الأخرى جعل من مياه هذه السدود نتيجة تسربها إلى الأراضي المحيطة تزيد من نسبة الأملاح بالارض وبالتالي اضعاف انتاجيتها الذي بدوره أدى إلى فقدان الفلاح لارضه.
 السبب الثالث: عدم وجود شبكة بزول التي كانت ولازالت من القلة والتي انحصرت بالمشاريع الزراعية الحديثة كما هو الحال في مشروع المسيب الكبير ابان العهد الملكي... لابل ان الدوله العراقية في ذاك العهد وعند إنشائها لمشروع ابو غريب لم يكن هذا المشروع ناجحا وكذلك مشاريع أخرى غيره لعدم التفاتها لموضوع البزول.. وقد التفتت لهذا الامر اخيرا في نهاية العهد الملكي كما ذكرت في مشروع المسيب.. أما بعد هذا العهد الملكي فلم يكن هناك اهتمام بالزراعة ولا بالانتاج الزراعي، وادخل الفلاح في اللعبة السياسية بل وتوه وضيع وأصبح موضوع اعلام سياسي فليس جميع الفلاحين حصلوا على قطع زراعية مستقلة وإنما عدد محدود ومحظوظ جدا ذاك الذي حصل عليها اما الأكثرية فقد صدرت بصددهم ولا اقول لصالحهم قوانين في قسمة غلة الأرض بعد حصادها لتكون المحاكم وساحات العلاقات الزراعية في القائمقاميات والمحافظات امكنة يقضون فيه اوقات خصوماتهم مع الملاكين بدل التوجه للعمل الزراعي الخلاق وهذا بالطبع لسوء إدارة الدوله وقوانينها كذلك الإعلام الثوري الذي كان وضع الفلاح الغير المتعلم في مواجهة الاستعمار واذنابه وهي مواجهه زائفة وقد ادى  ذلك إلى نتيجة مريبة وهي اشعار  المجتمع بانقسامه الي قسمين ظالم ومظلوم  وهو امر خطير انتج تباغض ونفور وتازم بين شرائح المجتمع وفئاته وطبقاته وهذا الجانب هو الذي ربما يفسر لنا اسباب العنف والدماء وراء كل تغير او انقلاب سياسي في العراق وما حصل فيه من سحل وسلب وفرهود. 
السبب الرابع.: عدم اهتمام الدولة الدوله بانشاء مشاريع زراعية كبرى التي تكاد ان تكون معدومه خلال العد القاسمي والعارفي... وكان هناك مشاريع متواضعة في العهد البعثي كما في ابي منيصير والشحيمية والطلائع والدواية ، وهي لاتستوعب التنامي السكاني للمجتمع العراقي وبالاخص المجتمع الفلاحي لعدم كفاية الأرض الزراعية لاستيعاب الايدي الفلاحية العاملة وكان يدور حولها ضجيجا إعلاميا مبالغ فيه..
 هذه الأمور ادت إلى نزوح الفلاح الى المدينه تاركا ارضه السبخه التي لم تعد تطعمه من جوع ولاتأمنه من خوف المستقبل المجهول..
ماعدا العهد الملكي لم تضع كافة الأنظمة التي توالت على حكم العراق أي برنامج او نظام للنهوض بالواقع الزراعي ويستثنى من ذلك فترة التسعينات حيث التفت الدوله الي الزراعة فشرعت بشق البزول ودعمت الفلاح من بعض النواحي لاستمرار نظامها السياسي خلال فترة الحصار الاقتصادي. 
وهنا لابد من التأكيد انالفلاح هو مواطن كبقية المواطنين الذين  يسعون لاقتناص الفرصة المناسبة بهجرتهم للارتقاء بمعيشتهم وحياتهم، وليس من المعقول ان نطلب منه البقاء في أرضه كقن لصيق بالأرض ضمن واقع يعاني فيه ويقاسي ودون ان يرى ان هناك بصصيا من الأمل لتحريره من هذا الواقع.
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟