الحُسَّين لنا جميعًا
2022/08/07
 
874

عدنان شاكر 

منذ انطلاق ثورة تشرين الشعبية قبل أربعة سنوات وامتدادها الصدري الأخير استلهم الشعب العراقي بكل أديانه وأطيافه وفئاته قيم ومبادىء مدرسة الإمام الحُسَّين الخالدة في الاصلاح ومحاربة الظلم والتجبر ونشر العدل ومقارعة الذل . 
من البداية وقف التشرينيون ضد الحاكم الظالم والسياسي الجائر والنائب اللص والقاضي الفاسد والاعلامي المرتجف كائن من كان ومن أي حزب وملة ومدينة ومذهب وطائفة ودين . وعرى التشرينيون فساد الطبقة السياسية وانحراف أجهزة الدولة وفضحوا تغول الميليشيات في المؤسسات العامة والخاصة على حساب هيبة الدولة والجيش وسلطة القانون ، واصطفت تشرين بقناعة راسخة وإيمان ثابت الى جانب العراق الوطن والتاريخ والحضارة ، وبناء مجتمع العدل والاخاء والمساواة والديمقراطية ، مبتَعِدَةً عن قراءة ثورة الحُسَّين العظيمة بأطر سياسية ومصلحية ضيقة وتوظيفها لمآرب جلبت الضرر للعراقيين جميعا وانعدم الاستقرار وفقد الأمان في حياة الناس . لكن في الطرف الآخر قامت الأحزاب الولائية زوراً وبهتانًا بتجييش مشاعر محبي الحُسَّين وتعبئة البسطاء لزجهم في آتون الفوضى والكراهية وحرف نضالات الجماهير التي كان شعارها ( نريد وطن ) . لكنهم اليوم وإن كانوا لا يستطيعون العزف مثل كل مرة على الإنفعالات المصاحبة لهذه الذكرى الأليمة على المسلمين بصيغة سياسية أنانية وتعبوية ضيقة تسهل لهم الترويج من جديد للطائفية البغيضة بغطاء منفعل ومفلس والتي ولَتْ بغير رجعة ، لكن يجب التنبه لهذا الموضوع ، خاصة عندما يجري في بيئة الفقر والحرمان والتي تبلغ مداها في مناطق وسط وجنوب العراق ، بينما هم ينغمسون من رأسهم حتى أخمص قدمهم في مباهج الحياة الدنيا ، يرفلون في نعيمها وخيراتها ويجرون ملهوفين وراء متاعها وملذاتها ويستحوذون على أرفع المناصب والوظائف ، ويعيثون في الأرض فسادًا ، متناسين قول الحُسّين " أن العمل النزيه بمنزلة العبادة كما أريد له في الدين " .
نحن العراقيون من زاخو الى الفاو ، واجب علينا جميعًا ، تَعَقُل أحداث عاشوراء والطَفّ واستلهام الدروس منها في المحبة والعدل والمساواة والكرامة واحترام قيم الإخاء والعيش المشترك .
إن ذكرى عاشوراء ليست للشيعة فقط إنّما للإنسانية والوجدان ، لما تضمنته من تداخلات بين الدين والسياسة ، العقل والروح ، الصراع بين الإستبداد بالحكم والظلم ، فهي خلاصة  " إنتصار الدمّ على السيف والقوّة والتسلّط " .
الحُسَّين ليس إماماً للشيعة فقط وليس إماماً للمسلمين وحدهم ، إنّما الحُسَّين رسالة خالدة للبشريّة كلّها . فقضية الحُسَّين أبعد بكثير من ارتهانها دينيًا أو طائفياً أو حزبياً ، وذلك انطلاقا من أبعادها العالمية التي تتجاوز حدود الدين والطائفة والحزب والجغرافيا التي جرت فيها الأحداث .
الحُسَّين ابن الرسالة والوحي وزعيم الإسلام الخالد كان محيطاً هادرًا من الخلق الكريم ، فهو الذي يسقي العدو المحارب بيديه الحانيتين ، ويَلْطُف بالخصوم عند الحوار ، ويغفر للمخطأ المذنب كما صفح عن الحُر الرياحي .. من مدرسته نتعلم ومن خلقه الحَسِّن ننهل .
هكذا كان نهج ثورة تشرين وامتدادها الصَّدري الكريم ،  وهكذا ستبقى ، وسوف تستمر في تقديم التضحيات حتى تنتصر  .. فقد عَلَمَنا الحُسَّين ( ع ) كيف نكون مظلومين فننتصر . 
نعم ننتصر لأن كل العرب والأكراد والتركمان والأقليات المتآخية يشربون من مبادىء قُلَّة كربلاء المقدسة ، ولا وجود لقُلَّة غيرها في أي زمان ومكان .
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟