الديمقراطية على ظهور الحمير
2022/08/04
 
737

عدنان شاكر

عنوان المقال هو مانشيت لخبر بالبنط العريض ، نشرته  وكالة الصحافة الفرنسية قبل ثلاثة عشر عامًا ، وكانت مناسبته هو إعلان إجراء أول إنتخابات رئاسية في أفغانستان بعد القضاء على حكومة طالبان ، وكانت اللجنة الإنتخابية قد طلبت ( تسعمائة حمار ) بدل الشاحنات لنقل صناديق الإقتراع من المناطق الجبلية الوعرة ، بمعدل أربعة حمير لكل مكتب إقتراع . حينها المشهد الحَميرّي أثارَ سخرية مُرَة لدى الوكالة الفرنسية ، فالانتخابات كانت مصممة بالأساس للداخل الأمريكي لحسم التنافس الانتخابي بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري ولا تعني الشعب الأفغاني بشيء لا من قريب ولا من بعيد ، لأن الخبز وشق الطرق التي تسهل نزوله من الجبال الوعرة أولىٰ له من الديمقراطية مليار مرة .
أما الديمقراطية التي صنعوها لنا في العراق الجديد فهي غير صالحة للاستهلاك الآدمي ، حين اعتمدت على مجموعات وأحزاب فاقدة لشرعية العصر ولجميع الفضائل الإنسانية التي راكمتها البشرية عبر تطورها الطويل . بحيث أَخَذَ كل سارق وكل أَفاق شاذ وكل عرقي متخرص وكل طائفي عفن وكل فاسد يقدم نفسه للمجتمع بكل فِكْرِهِ المنحرف تحت شعار الديمقراطية . وهكذا تم تبرير السرقات وسفك الدماء وخيانة الوطن والتبعية على إنها وجهات نظر يجب أن تحترم تحت سقف الديمقراطية التي تحولت في ظل المحاصصة الطائفية والعرقية إلى نقيضها ونجحت في تحشيد الناس بخطاب مذهبي وعرقي عاطفي بغية الوصول الى مبتغاها فأنتجت حالة من الهمجية السياسية والاجتماعية على حساب المواطنة وقيمها الحضارية العادلة ، بحيث أصبح تغييرها وإصلاحها لا يتم بدون ثمن فادح ، وهذا ما دفع ويدفع ثمنه شعبنا ، دماً زكياً طاهراً من أجل الحرية والخلاص من الطغمة الجاثمة على صدره منذ عشرين عاماً باسم التوافقية التي نكبته ودفعت به الى الجحيم .
وإذا كنا في العراق لم نَمُرْ بمرحلة ديمقراطية الحمير الأفغانية إلا إنه بفضل سقوط الطبقة السياسية وطنياً وأخلاقياً وتخلفها فكرياً وتعفنها طائفيا وارتهانها خارجياً ، إختزلنا الطريق ومررنا بمرحلة حمير الديمقراطية مباشرةً ، وبدون أي منافس تاريخي لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل .

ملاحظة : نشرت هذه المقالة عام 2010 ، وأعدت نشرها اليوم بعد تعديل بسيط .
الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟