نحن الشعب : ( الفرق بين الشرعية والمشروعية )
2022/08/02
 
28838

 عدنان شاكر

 
يتم هذه الأيام استخدام مصطلح الشرعية كثيرًا ،  ولكن فهمها أقل ، ويلحق دائمًا بمصطلح الشرعية كلام ضخم ، لكي يعطي المصداقية للشخص المتحدّث . على سبيل المثال : الشرعية الدستورية ، والشرعية السياسية ، والشرعية الدولية ، وغيرها من المصطلحات العديدة ، إلا أنه يتم استخدام هذه المصطلحات لكي تسوّق لرؤية المتكلّم والتي تثبت حقيقة حديثه ، فلا يبقى للمستمع غير الموافقة وتأييد الفكرة التي قدّمها المتحدّث دون نقاش أو تفكير . وهذا الحديث إذا افترضنا حسن النية ، أما ينم عن جهل تام بفلسفة القانون ، وإما محاولة خبيثة للتدليس على الشعب المظلوم .
مفهوم الشرعية : 
الشرعية يرجع أصلها إلى الحكومة والحاكم والحكم وجميع هيئات ومرافق الدولة وجهاتها ومؤسساتها الإدارية ، والتي تقوم بتوفير الخدمة الشاملة للمواطنين وتقضية مصالح الشعب والدولة ، وهو مفهوم ذو مستوى إداري أكثر مما هو قانوني ، وهذا يعني أننا نستطيع تكوينه من خلال فرض قواعد معيّنة مأخوذة من تجارب حضارية إنسانية وشرائع دينية ، كمبدأ الموافقة والعدل والشورى والانتخاب . كما أنها تعتمد على اشتراك كافّة المعتقدات والمبادئ لنظام الاختيار الحر ( الانتخابات) من قِبَل جميع المواطنين مباشرةً للحكومة والرئيس أو المَلك إلى فترة زمنية معينة ومحدّدة ، وبعد انتهاء الموعد الذي تم تحديده يمكننا إعادة الاختيار مرةً ثانية ، وتُعرف هذه العملية الحرّة باسم ( تداول السلطة الرسمي أو السلمي ) .
- لذلك نستطيع أن نقول إن الشرعية لا تكون مخصصة لهيئة معيّنة أو حزب محدّد أو شخص ما أو مؤسسة بعينها ، ولكنه مصطلح متعلّق بالأسلوب والأداء الذي يستخدمه الشخص ، أو المؤسسة ، أو الحزب ، أو الهيئة والذي يساعدها في الوصول إلى الحكم .
مفهوم المشروعية :
تُعرف المشروعية بأنها جميع القرارات والإجراءات الصادرة من الشخص ، أو المؤسسة ، أو الهيئة ، أو الحزب الذي حصل على الشرعية معتمدًا على نظام الاختيار المباشر الحر ( الانتخابات ) ، وهذا يعني أن الأداء الخاص بها يعتبر مشروعًا في جميع الحالات سواء كان هذا الإجراء المتّخذ أو القرار الذي تم الموافقة عليه يعود أصله إلى توفير الخدمة لكافّة المواطنين والدولة ، ولكن يلزم أن تكون جميع الإجراءات والقرارات المأخوذة تتناسب مع القوانين التي فرضتها الدولة لكي تكتسب وتتلاءم مع الحجية القانونية .
- كما يشترط عليها أن تخضع للمحاسبة القانونية والمراقبة العامة من قِبَل هيئة مستقلّة لا تكون تحت سلطة الحزب ، أو الشخص ، أو الهيئة ، أو المؤسسة التي حصلت على الشرعية . 
- في حالة كان الشخص ، أو الهيئة ، أو المؤسسة ، أو الحزب غير قادر على تحمُّل مسؤولية الشرعية التي اكتسبها وتحمَّل تبعاتها على سبيل المثال ، حينئذ يلجأ الشعب إلى إجراء من هذين الإجراءين وهما :
١ - إعادة تصحيح مسار الحكم من خلال إعادة المشروعية من قِبَل الحكومة إلى شعبها الذي اكتسبت الشرعية من خلاله والذي منحها لها في المرحلة الأولى .
٢ - يتم استعادة المشروعية التي أعطاها الشعب لهذه الحكومة مباشرةً بحيث يتم استخدام الشرعية مرةً أخرى من خلال تطبيق نظام الاختيار المباشر الحر ليكتسبها من يستحقها ، ويتم تعريف هذا الإجراء الطارئ باسم ( الانتخابات المبكّرة ) .
اعتماد الحكومة على النظام القانوني : 
- من المفترض أن يسود ويرأس السلطة العامّة النظام القانوني ، فالحكومة تكتسب منه سيادتها ووجودها ، فهي تحكم على أساسه وعليها أن تخضع لحدوده ولا تتخطاها فيما تتخذه من إجراءات عامّة وفرض قرارات . 
- إن النظام الذي يحصل على المشروعية يستطيع أن يشرّع كافّة القرارات والقوانين ، ولكن هذه المشروعية لا تكفي ، بل يلزم أن تعتمد على نظام قانوني أو دستور تستمد منه سلطته ، لذلك يتم وضع الدساتير لتعطي الشرعية وتمنحها لمن يستند إليها في السلطة . 
- الحكومة التي تعتمد في سلطتها على الدستور هي حكومة شرعية ، حتى في حالة لم يرضّ عنها الشعب ، لكنها تصبح ( فاقدة للمشروعية ) رغم كونها ما زالت حكومة شرعية . 
- وفي هذه الحالة لا يمكن الحصول على السلطة الشرعية مرةً أخرى وانتزاعها من الحكومة ، إلا من خلال نظام شرعي أو تطبيق المشروعية الشعبية والمعروفة باسم ( الثورة الشعبية ) .
من هنا نستنتج إن الاساس القانوني هو ( للمشروعية ) وليس ( للشرعية ) ، لذلك قد تكون هناك حكومة ( رئيس جمهورية ، رئيس وزراء ، مجلس نواب ، مجلس قضاء ) تتمتع بالشرعية الكاملة لكن حكمها لا يتمتع ( بالمشروعية ) أي أنها لا تراعي مصالح شعبها ولا تحكم بدستور عادل يساهم في نشر العدل والمساواة بين أبناء الشعب الواحد ، ولا تحافظ على سيادة البلد ولا تصون وحدته وثرواته وأمنه . 
ختامًا نقول ، الشرعية هي الشكل والمشروعية هي المحتوى .الشرعية جسد هامد والمشروعية روح نابضة ، فلا سلطة للشرعية بدون المشروعية التي يحتكر الشعب وحده منحها ، ولذلك تنص كل دساتير العالم على مبدأ ( الشعب مصدر السلطات ) .

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟