بات واضحاً ومعلناً لكل العالم ان الهدف الحقيقي للاحتلال الأمريكي لم يكن وجود أسلحة الدمار الشامل وإسقاط نظام صدام حسين
2022/04/07
 
144

شاكر كتاب   

 

لقد بات واضحاً ومعلناً لكل العالم ان الهدف الحقيقي للاحتلال الأمريكي لم يكن وجود أسلحة الدمار الشامل وإسقاط نظام صدام حسين.

ففيما عدا اعترافات زعماء وكتّاب الغرب عن ان هذا الإدعاء كان باطلاً وأنهم توهموا وجود هذه الأسلحة انجراراً وراء تقارير عملائهم الكاذبة ومنها انحدرت تقارير وتوصيات أجهزتهم المخابراتية، فإن نتائج الاحتلال ومخرجاته الاجرامية تثبت ان نوايا وغاياتٍ أخرى كانت تقبع وراء جريمة غزو العراق وتدميره. فلقد دخل الأمريكان بلادنا -كما تكشفت الحقائق فورا - تنفيذا لمخطط صهيو-أمريكي ولتحقيق هدفين إثنين أساسيين: الأول تحطيم قدرات العراق على الأصعدة كافة لاسيما العسكرية والاقتصادية لضمان أمن إسرائيل وتفوقها الاستراتيجي على كافة دولة المنطقة وتمرير سياسة التطبيع معها وتهيئة كل ما يحتاج اليه هذا التطبيع من ممهدات.

والغرض الثاني وضع اليد على منابع الطاقة وتحديدا النفط والغاز والاستيلاء عليهما علناً وكما يفعل القراصنة. وفعلاً فقد احتلت قواتهم الغازية المنابع والآبار والعيون وفرضت علينا اتفاقياتٍ وعقوداً لعشرات السنين ضمنت من خلالها الهيمنة على مواردنا الطبيعية وحرمتنا من كل إمكانية على التحكم بها وتوظيفها للتنمية الوطنية. ولقد تداخل هذان الهدفان فجاءت سيطرتهم على النفط العراقي تحقيقاً لإضعاف العراق وإرهاقه بالديون والالتزامات الأمر الذي سينعكس على قدرته في التصدي يوما ما لإسرائيل. كما إن توجه المنطقة نحو التطبيع اشتد واتسع بعد احتلال العراق واختلال معادلة التوازن الاستراتيجي من الجوانب العسكرية والاقتصادية والحضارية.

ومن بين جرائم أمريكا في بلادنا بعد الاحتلال هو زرع الطائفية بين مكونات الشعب وتشجيع الاقتتال الداخلي بين العراقيين ونشر الجهل والتخلف بغلق المدارس وتدمير معالم الثقافة وإضعاف الجامعات بشتى السبل.

وهذه كلها كانت تتطلب حكوماتٍ مرتبطة مصالحها بالوجود الأمريكي العلني والاسرائيلي الخفي. فجاءت بزعامات لا يربطها بالوطن وبالشعب اي رابط ولا انتماء وسلمتهم مقاليد الحكم والتحكم ومنحتهم السلطات كافة وضمنت لهم التصرف المعفو من كل محاسبة قانونية بعد ان اطمأنت على غياب تام لمحاسبة الوجدان والضمير.

بل ان هذه الحكومات والزعامات تمتعت بالحماية المباشرة من قبل قوات الاحتلال. لقد كان العقد بين الطرفين هو ان تطلق أمريكا يدها تجول وتصول في كل مقدرات العراق الاقتصادية وفي خيراته وموارده الطبيعية في مقابل ان تعبث أيادي هؤلاء في التسلط والأجهزة وتقاسم ما يسمونه بالكعكة التي تعني الحصول على حصة القطط مما يتبقى من فتات موائد العم سام. لقد كذب الأمريكان وخدعوا العالم كي يحصلوا على مباركة الغزو وتأييده. ويتذكر شعبنا الدول التي أسهمت في جريمة دخول بلادنا عنوةً كما يتذكر الدول التي وقفت ضد الغزو وأدانته. كما ان شعبنا يتذكر جيداً الوجوه الكالحة التي دخلت مع المحتل وتعاونت معه وتمتعت بما كان يرمي لها من عظام. وبعد فشل المحتل وهزيمته استمرت سياسات الفشل والفساد بأنواعه في إدارة شؤون بلادنا والتسلط على رقابنا والتحكم بخيراتنا.

فانتشر الفقر بأبشع أشكاله ورافقته بطالة شاسعة وموات تام لصناعات البلاد وزراعتها وتجارتها إلى أن غدا العراق يستورد حتى الخضراوات وحتى ابسط واتفه اللوازم الضرورية للحياة. واتسعت الأمية بأسوأ معانيها العلمية والثقافية والأخلاقية الى جانب انتشار الجهل والخرافة والتبعية وتأليه القيادات ورجال الدين.

فعاد العراق مسرعاً نحو القرون الوسطى. وها نحن نعاني الأمرّين جراء كل هذا الذي جرى ويجري. وبعد كل هذا يقف العراق اليوم عاجزًا تماما عن تشكيل حكومة مستقرة تحقق الأمن وتنهض بمسؤوليات بناء الدولة وإنقاذ الناس مما هم عليه وإيقاف حالة التدهور والضياع وماكنة الفساد ما زالت تدور وتتسع.

 لقد كان من الطبيعي جدا ان ينتفض الشعب ضد الظلم والجوع والبطالة وانعدام العدالة في توزيع الثروات واستمرار الانهيار الاقتصادي.  فجاءت ثورة تشرين السلمية الباسلة التي أقضت مضاجعهم وأرعبتهم وذكرتهم ان المستقبل لنا.

 وبالرغم مما كانت تحتاج اليه هذه الثورة العملاقة من مقومات أخرى للنجاح الا أنها تمكنت من شحذ الحس الثوري وإنعاش الانتماء الوطني وإعادة ثقة الشعب بنفسه وعلمته أنَّ الإصرار على المطالب العادلة ومواصلة النضال من أجلها بشتى السبل السلمية والديمقراطية هو الطريق الأوحد للفوز بالتحرر التام وانجاز برامج الحرية والحضارة والعدالة الاجتماعية.                

   شاكر كتاب       

  بغداد 9/4/2022

 

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟