الكلب كلب
2022/01/20
 
246

عبد الستار البيضاني

عدا النوعيات المستخدمة لحراسة البيوت و( الحلال) في القرى وبعض مناطق المدن، فان تربية نوعيات معينة من الكلاب، كانت مقتصرة وبشكل محدود على العوائل الارستقراطية والغنية. اما الان فقد اصبحت تربية الكلاب ظاهرة ملفتة في مختلف طبقات المجتمع العراقي. ربما يكون وصول الحالة الى مستوى الظاهرة هو جزء من مظاهر التأثر بالغرب ، الذي يأخذ بنظر الاعتبار وجود الكلاب في حياته، حتى على مستوى تخطيط المدن حيث شاهدت شخصيا في شوارع بروكسل ممرات مخصصة للكلاب و اماكن مرتبة لقضاء حاجاتها وعمال خاصين لرفع فضلاتها، لذلك لم أستغرب عندما قرأت رسالة بول بريمر الى زوجته (فرانسي) في اول ليلة قضاها في العراق التي جعلها بمنزلة واحدة مع كلبته عندما ختمها بقوله ( حبي للشقراوين) ويقصد زوجته (فرانسي) وكلبته المالطية (ميني) !. 
لكن في مجتمعنا على مستوى الدين والعرف يعد الكلب نجس مهما كانت نظرتك اليه على وفق المثل القائل ( الكلب كلب ولو طوقته بالذهب)، مع انهم يعدونه رمزا للوفاء. وفي هذا السياق تحضرني المناكدة التي جرت بين الوصي عبد الاله والحاج عبدالواحد سكر ، بسبب كلب الوصي كما رواها لي القاضي عاد ال فرعون عندما كنت اعد كتابا عن عبدالواحد سكر مع احد الزملاء، حيث زار عبدالواحد سكر الوصي في احد ليالي رمضان، وكان كلب الوصي يتخطف بين الضيوف ، وكان كلما اقترب من عبدالواحد لم عباءته ورفعها بتذمر، وكان الوصي يراقب ذلك فقال لعبدالواحد : حجي هذا الكلب مونجس. فرد عبدالواحد: ماكو كلب مو نجس انت سيد ابن رسول الله مايصير تخلي نجاسة في بيتك .
رد الوصي: لكن الكلب اوفى من الانسان. وهذا غمز لعبدالواحد لمساندته حركة مايس ١٩٤١. وردها عبدالواحد في الحال: صحيح سيدنا الكلب اوفى من صاحبه!.
ومع ان اهل القرى يعتمدون على الكلاب في ضمان امنهم من السراق حتى قيل في الامثال عن الاشخاص والاماكن المستباحة ( قرية بدون جلاب)، لكنهم لايسمحون للكلاب ان تدخل غرفهم ويبقونها في الخارج تعيش على فضلات الطعام، عكس مانراه الان حيث نجد الكلاب تعيش مع العوائل، وبعضهم يجعلها تشاركه مائدة الطعام وفراش النوم مما افسد الامثال التي تتحدث عن الكلاب التي ترمى لها العظام من باب التحقير. 
سألت بعض الذين يعيشون مع الكلاب عن سر هذا الاهتمام الذي يضاهي اهتمام تربية الابناء فاجابوا بشكل قاطع ( الكلاب انقى من البشر وماتخون...).
وسواء كان سبب شيوع الظاهرة التشبه بحياة الغرب، أو الهروب من سوء العلاقات الاجتماعية،أو انها محض هواية، فانه يخيل لي بأننا على ابواب عصر ( المؤاخاة) بين الكلب والانسان!، ولكن هل تتغير المعاني والاستخدامات ويسقط الكلب من قاموس الشتائم ويدخل قاموس الغزل؟..فتكون ( كلب) او ( ابن الكلب) كلمة غزل وليست شتيمة؟!... او هل تقبل النساء اللواتي يتبنن الكلاب ان يجعلهن أزواجهن بمنزلة واحدة مع الكلبة من حيث الحب، كما فعل بول بريمر؟
عبدالستار البيضاني

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟