وهم المدينة الفاضلة
2021/08/30
 
688

علي حبل المتين

 

لقد تخلف العالم العربي الإسلامي عن ركب الحضارة بعدة منازل بسبب سوء تصرف حكامهم في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعد المؤتمرات العلمية والعملية كان المفكر في الشرق يعاني من المضايقة والتهميش والتنكيل ويذعن في نفسه تفوقه في كافة الميادين مما أدى إلى أحداث روح انهزامية عند فريق من النخب دعت إلى التمسك بالنموذج الغربي الناجح للتخلص من التخلف...

 أما على الصعيد العراقي فقد تقدم العراق على الوطن العربي والخليج خصوصًا لمدة وجيزة بسبب التحاقه بالركب وانفتاحه على العالم الخارجي في فترة لم يمر مثلها العراق بانتعاش فكري وحضاري، كان على أقل تقدير قطبًا للطلبة والباحثين وشكلتْ هذه الفترة المريحة من تأريخه المعاصر فضلًا على باقي المنطقة فكان الأستاذ العراقي والمهندس والطبيب والمهني مُرَحِّبًا به في البلدان الدول وعلي رأسها بلدان الخليج لما يحمله من امتياز عن الباقين من مهنية وأمانة وحسن أداء، فأنتج مفكرين ومحدثين عظام في جميع مجالات المعرفة ومازالت كتبهم تطبع وتباع وتقرأ ومازال المحللون والناقدون في أثرها...

 إلى أن أصابتنا آفة التخلف فتخلفنا عن الركب بعدة منازل عمن كانوا خلفنا لتلتحق بالركب وتتركنا خلفها دون أن تمد لنا غير يد العداوة بلدن الجوار فأصبحنا متخلفين جِدًّا وهذا بسبب حكامنا والفترة التي عاشها العراق من انقلابات وعمليات ثأر أشبه بحروب المافيات فما لنا إلا التمسك بالماضي في مرحلة اللاتاريخية واللاموضوعية...

 لتبقى بغداد في حيز إلغاء الزمان والتطور واختيار الجمود على الماضي بصورة عنيفة وقياس الحاضر عليه لتكراره مع عدم الاستفادة من الانتكاسات المريرة في المستقبل متجنبين تقديم كل رؤية عصرية مناسبة...

 ومع انعقاد مؤتمر القمة في بغداد للشراكة والتعاون ودعوة شخصيات دولية بهذه الكمية والكيفية الملغومة تمخضت بنتائج عكس ما خطط لها من إظهار بغداد على أنها فعلًا مدينة السلام المنشودة لقد كان تسويقها زائفًا وسرعان ما بان ذلك ماذا تعني حاملات الصواريخ وافتراش الأرض جنودًا!؟

 كل شيء في هذا البلد زائف محاولة إضفاء طابع مخادع على مدينة تفتقر لأقل مقومات الحياة لأتوفر الأمان لسكانها حازت على أسوء مكان للعيش أنها كمن ينشأ صرحًا على كومة نفايات متراكمة...

 منذ سني ونحن تشهدوا إقامة المؤتمرات والإعداد للمهرجانات في بغداد وكأنها مدينة تعجز عن إحاطتها الأوهام لكن أية بغداد هل قلعة الأسود وعطر الزمان؟

 لماذا كل هذا التمسك بروح الكبرياء والعظمة بغداد السلام هل يوجد فيها شارع لم يتكحل بدم أبناءه البررة هل بقي فيها مسجد منائره لله معتمرة؟

 لقد كان ذهن الساسة منصرفًا لاستثمار هذه الزيارة وأيهم يغنم حصة الأسد لهذا لم يبالوا وهم يرونها مدينة ناقصة مفتقرة للبهجة غاب عن آذهانهم المريضة أن المدن الفاضلة التي جاؤوا منها ضيوفهم نفسها كانت لن تتحقق حتى في خيال المنظرين والكتاب ولم يكن لها نصيب من الواقع الخارجي لولا وجود بغداد...

 مالذي أنتجته هذه الزيارة وسابقاتها تقدم فلان على مكانه المخصص ليشعل نار الغل في صدر منافسه، يكتب أحدهم بيانًا بصورة طائفية ليرد عليه الآخر، لو قدمت بغداد على أنها مدينة فاضلة لسكانها لما كان أفضل من التصنع أمام الآخرين ألا نستحق أن نكون سكان المدينة الفاضلة، الأولى إقامة المهرجانات والمؤتمرات والأمسيات أم الأولى إظهار المدينة الفاضلة التي شقيتم وأنتم تزينون مداخلها هل هذا أوجب من بعض المدارس والمستشفيات التي تثير بي الاعتزاز وأنا أتفرس شوارع المدينة الفاضلة؟

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟