علي حبل المتين

لدي صديق أسمه محمد من السعودية ودائمًا ما نتمازح فهو يدعو لي بالزوجة التي تتعبني وأنا أدعو له بالقبر المريح ولكنه بدأ يمتعض مني وليت الأمر توقف عليَّ لقد انس هذا الأمر من العراقيين يقول ما قدمت خدمة لعراقي إلا ودعى لي بحسن العاقبة أو القبر الرطب أو نيل الشهادة ولم يدعو لي أحدً بالحياة السعيدة وأغرب دعوى كانت رزقك الله قبرًا بقربه شجرة (نبكة)...

كان الجهاد في السابق قوة للمسلمين لأنهم كانوا مشغولين بالزارعة والتجارة ولا يوجد جيش إلا من رُصد لذلك فتصرف لهم حقوق من بيت المال أما التحشيد فكان ينادى للجهاد فتجتمع الناس وتلبي الدعوة ومن يموت في القتال[من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد] مدافعًا كان او مهاجمًا فهو شهيد..  ولاتوجد له اية حقوق بل جزاءه يكون على الله وهذا هو الدافع الذي أستطاع به الرسول فتح البلدان أن يكون جزاء الشهيد على الله لا من بيت المال، أما عائلته وابناءه فشأنهم شان الرعية...

ولكن في زماننا الحالي الأولوية للشهداء في كل مجال مثلًا إذا أردت الوظيفة حتى وأن كنت مستحقًا فالأولوية لذوي الشهداء،يعني بصريح العبارة بعدما تكون شهيدًا تكون لك حقوق أما في حال حياتك فلا يرتجى منك منفعة،فالشهيد له قطعة أرض وراتب مريح لذويه ووالداه يذهبان للحج كل هذا لم يكن ليحلم به طول حياته فأن كنت ضحية فساد أو ضحية أنفجار أو جندي في المعركة ليس لك أي وجود مالم يوارى رفاتك الأرض أما أهلك سينعمون بالتعويض المريح ولعل أبن أخيك الذي ينتظر الزواج ولكن حالته المادية سيئة سيفتح الله له باب التوفيق وتكون أنت سببًا،والأرض التي ستدفن فيها تدفع ثمنها لإنك إلى الآن في سجل عديمي المنفعة، حاول أن تسعى لتنال هذا المقام الرفيع سيبكون أهلك عليك وسيذكرهم بك المنح التي تنهال عليهم كالمطر ستكون لك صورة جميلة تتوسط البيت فكن شهيدًا حتى تكون سعيدًا، إما المسؤولون سيترددون على ذويك من أجل اللتقاط الصور ولاننسى تعليق صورتك في وسط السحات العامة وتسمية آحد الشوارع بأسمك اسألك بالله هل توجد سعادة بعد هذه السعادة  مالذي تفعله بهذه الحياة الفانية!

حتى الدعاية الانتخابية ''انتخبوا مرشحكم الشهيد الحي شهيد الأمة وشاهدها ''...

والآن أيها القارئ بعدما قراءت ذهِ ''الديباجة'' مالذي يمنعك من توسد التراب الناعم لعل في ذلك العالم تكون الخدمات من ضروريات الحياة فيكونون أهلك منك في راحة وأنت من نفسك في شغل أما أنا فيعجبني قول أحمد مطر نموت كي يحيى الوطن،نحن الوطن،من بعدنا يبقى التراب والعفن، نحن الوطن،من بعدنا تبقى الدواب والدبن،نحن الوطن،إن لم يكُ بنا كريمًا آمنًا ولم يكُ محترمًا ولم يكُ حرًا فلا عشنا ولا عاش الوطن.