بقلم القاضي حسن حسين جواد الحميري
الماكينة الإعلامية للعشائرية وبكثافة ملفتة للنظر اخذت تروج لها من خلال اللقاءات مع شيوخ العشائر والمقابلات التلفزيونية والصحفية ونشر الكتب عن العشائر وتعميق الجانب العشائري والمناطقي والطائفي.
كيف لدولة أن تقف على قدميها وهي تسودها هذه التيارات المفككة للحمة الوطنية.. لابد من إصدار تشريع يمنع النشر والتبشير العشائري والطائفي والمناطقي ويعاقب على هذة الأفعال والترويج لها بعقوبات شديدة سواء نشرت على السوشل ميديا أو القنوات العامة.. هذه الهبّة أو قل هذه الرغبة أو هذه المودة العشائرية أو المد العشائري في نفوس أبناء مجتمعنا اليوم يرجع سببه في الغالب إلى هذا الترويج الإعلامي لهذه الافكار والصفات..لقد تدرعت بعض العشائر بدرع الأحزاب الحاكمة وأخذت تبحث عن مشاركة مشوهه ومنبوذة للسلطة في مجتمع كان ظنه كل الظن أن يتم بنائه على أسس تقدمية حديثة وفي ظل ديمقراطية صادقة وواعية يشارك من خلالها الجميع في بناء الدولة العراقية المزمع إقامتها والمراد كما يبدو قولا لا فعلا إنشائها بعد التغير.
اليوم ذكرى ثورة ١٤ تموز ولابد من الاستعانة بالوسائل التي اعتمدتها في القضاء على العشائرية والصفات الأخرى التي تنخر بجسم الدولة والمجتمع.. بعد هذه الثورة كان الانتماء العشائري والمشيخة والمناطقية من صفات العهود المتخلفة والتي يأبى انسان مابعد الثورة أن يتصف بها بل ويمكن القول انه قد تبرأ منها الكثير من المنتسبين اليها منها بعد أن بُرزت صفاتها السلبية وتمثيلها للفكر المرجعي المعرقل للتقدم والتطور الذي ينشد الدولة الحديثة ذات المؤسسات التي تصب جميع مساعيها ونشاطاتها في خدمة هدف واحد هو بناء الوطن الواحد الموحد دونما تقاطع أو تعارض أو تناحر بينها ،بل وغادر الكثير من الشيوخ المعتمدين انذاك من قبل الدولة التجاهر بالمشيخة التي أصبحت من مفاهيم العصور الخالية .. لكنها عادت بعد ان حاول صدام تقوية النفود العشائري لتبرير الاعتماد على اقاربة مثل حسين كامل نموذجا لذلك الذي سلمه ثلاث وزارات أو أكثر وفي أن واحد مبتعدا عن مؤسسة الحزب الذي أتى به إلى كرسي السلطة ، لعدم وثوقه بقيادات ذلك الحزب الثقة التامة، وكأن الساحة العراقية من زاخو إلى الفاو ومن الشرق إلى الغرب قد خلت من الرجال الصالحين لهذه المهام، وعود على بدء نقول إن ثورة ١٤ تموز احدثت هذا التغير كله بسب الإعلام الثوري الذي كان يدين هذه السلوكيات المفتتة والغير منتجة. وإذ كان دستورنا الحالي قد نص على دور العشائر فإن هذا النص الدستوري لابد من تعديله أو إلغائه وتجريد العشائر من السلاح وحصره بيد الدولة.
أن منظومة القيم والأخلاق لا تعبأ بالعشائرية ويحاربها الدين الإسلامي الحنيف، ليس هناك انصر أخاك ظالما أو مظلوما كما في الجاهلية، ولابد من العودة إلى الطريق القويم الذي اختطه ورسمه الإسلام بكتابه الكريم وسيرة نبيه العظيم والاولياء المباركين، لابد من القضاء وغلق وردم وإلى الابد ينبوع الأذى والهدم هذا الذي يعتبر من أهم ينابيع الفتن والأحقاد التي تعصف وبعنف في مستلزمات الأمن الاجتماعي، لابد من أجل تحقيق ذلك من ثورة اجتماعية فكرية إعلامية تقودها وسائل الإعلام والمثقفين من أدباء وكتاب في محاربة هذه الاتجاهات التي تهدم ولا تبني وتفرق ولا توحد. وصل السيل الزبى وإلى الله المشتكى وانا لله وانا اليه راجعون