بقلم :- سمير عبيد

#مباحثات فيينا :-

جميع المؤشرات تؤكد أن مباحثات فيينا التي بدأت بوساطة الأوربيين بين ايران من جهة والدول الأوربية المُشتركة أصلا في الاتفاق النووي والولايات المتحدة من جهة أخرى .هي مجرد مباحثات "النوايا  المستترة "عند جميع الأطراف دون استثناء.

١-إيران :-

سارعت للقبول بمحادثات فيينا لتضييع الوقت وتهدئة الأجواء المشحونة بالحرب النفسية والاعلامية التي تلت نهاية حقبة ترامب وبداية حقبة بايدن . لكي تكون هناك ظروف انتخابية جيدة في ايران وتكون لصالح الاصلاحيين .

أ:-لذا فالسبب الأول للقبول في محادثات فيينا  هو لأسباب انتخابية داخل ايران والتي ستجرى في حزيران المقبل بمحاولة  لتحسين حظوظ الاصلاحيين فيها .

ب:-والسبب الثاني هو لكي لا تفقد ايران تعاطف الأوربيين معها فوافقت على محادثات فيينا .ولكن كعادتها ذهبت للتلاعب بالوقت اولا .وذهبت للسقوف العالية ثانيا لتدفع بالإكثار من جولات التفاوض واستهلاكا للوقت !

ج:-والسبب الثالث لكي تشتت الضغط الخليجي الذي يطالب بأن يكون شريكاً في أي محادثات جديدة حول الأتفاق النووي وخصوصا السعودية . واضافة ملفين للتفاوض وهما ( ملف الصواريخ الباليستية ، وملف التدخل الإيراني في الدول العربية ) وهذا ما يزعج الايرانيين !

د:-والسبب الرابع لتعطي زخماً للوساطة العراقية السرية بين الرياض وطهران حول بدأ الحوار بين السعودية وايران في بغداد مباشرة لترتيب اتفاقيات وعلاقات بعيدة عن محادثات النووي .. وحصل لها ذلك بحيث أُذيبت منطقة الجليد بين الطرفين خصوصا بعد الحديث الصحفي والاعلامي  الأهم الذي خرج عن ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان تجاه ايران ورؤية السعودية للحقبة المقبلة . والواضح هو(شرطاً على محمد بن سلمان لكي يتعبد  له الطريق نحو كرسي العرش ملكاً ؟.

هـ:-والسبب الخامس لقد استهوت إيران الحرب النفسية ضد نتنياهو وضد إسرائيل واحد أطرافها هو التلاعب بمحادثات فيينا واطالتها لكي تضغط نفسيا على نتنياهو وتمضي إسرائيل بتوجيه الضربات لاهداف إيرانية .وكل ضربة تقابلها إيران برفع سقف التطوير في منشآتها النووية وبهذه اللعبة وصل منسوب التخصيب الى 60٪؜  وتطوير آخر في نصب اجهزة الطرد الجديدة ..الخ وكلها خدمات اسرائيلية قدمتها اسرائيل الى إيران !

وبقيت ايران تراهن على الرعونة والتخبط الاسرائيلي لكي ترفع وترفع من عملية التطوير. لكي تكون على مسافة بسيطة من القنبلة النووية ( ولسان حال بايدن يريدها ان تصل الى ذلك ليتم رسم المنطقة من جديد ، ويلجم إسرائيل التي باتت عبء على امريكا )

#قنبلة المحافظين :-

ولكن تيار المحافظين " المتشدد" في إيران عرف كيف ينتقم من سياسات الاصلاحيين عندما تم تسريب حديث وزير الخارجية الايراني "جواد ظريف" والذي يتفوه به ضد قيادات في الحرس الثوري ، والى تدخل  الحرس الثوري في العمل الدبلوماسي ،وكلمات نقد ضد الجنرال الراحل قاسم سليماني.

بحيث خلط  هذا التسريب جميع الأوراق داخل وخارج ايران لِما تخلله من أسرار خطيرة وصلت حتى للمطالبة بإقالة وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري والذي يشغل في ادارة بايدن مسؤول ملف المناخ مع دول العالم . ناهيك عن انشغال وسائل الاعلام العربية والاقليمية والدولية بهذا التسريب. مما دفع بالمرشد الايراني السيد علي الخامنئي لتوبيخ جواد ظريف وبكلام خشن وقوي وكان بمثابة رسالة من المرشد الى تيار المحافظين والحرس الثوري معناه ( انتهى حلم ظريف للفوز برئاسة الجمهورية في إيران)وغير مسموح بنقد سياسات الخرس الثوري .

٢- الولايات المتحدة :-

١-يعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أحد عرابي الأتفاق النووي بين ايران من جهة ، والولايات المتحدة والاوربيين (5+1)من جهة اخرى. ويعتبر الرئيس بايدن خبيرا فوق العادة في معرفة النظام الإيراني والسياسة الايرانية، ومعرفة نقاط القوة والضعف في إيران ولديه علاقات جيدة مع أطراف ايرانية . وكذلك خبير في معرفة النظام السياسي العراقي  وتفاصيلة الدقيقة بحيث يعرف حتى عدد الفاسدين وحجم الثروات المسروقة من العراق.

٢-فالرئيس بايدن لديه قناعة بأن كسب  النظام الإيراني لصالح الغرب في هذه الظروف الجديدة التي طرأت على المنطقة والعالم  لهو أفضل من أستعدائه أو توجيه الضربات ضده أو حتى شن الحرب ضد ايران .

وأن الايرانيين  عرفوا ذلك فزادوا في دلالهم على بايدن .بحيث راح الأخير فضغط على السعودية لتقبل بالحوار مع إيران في بغداد بهدف انهاء الحرب في اليمن ، والاتفاق على تهدئة المنطقة .

فزاد الايرانيين بدلالهم فطالبوا بحوار ( السلة الواحدة) أي الضغط على السعودية ودول الخليج بالانفتاح على سوريا ودعم النظام السوري وفتح السفارات الخليجية هناك وخصوصا السعودية ،واعادة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية .وبالفعل بدأت الحوارات السعودية والخليجية في دمشق وتم الاتفاق على فتح السفارات والعمل على اعادة سوريا الى الجامعة العربية وتحديدا في مؤتمر القمة العربي المقبل !

٣-الحاقاً بالنقطة رغم(٢):-

أن جميع هذه التنازلات والصبر الطويل  من ادارة الرئيس بايدن للإيرانيين والضغط على دول الخليج وبمقدمتها السعودية للتقارب مع ايران هدفه ومثلما أكدنا أعلاه لجذب ايران نحو المعسكر الغربي وتفريغ اليد الروسية من ايران  !

ولكن الإستراتيجية التي يعمل عليها الرئيس بايدن وادارته هي محاولة ( ابعاد ايران عن روسيا ) في الوقت الحاضر .وعندما يطمئن بايدن للنوايا الايرانية ففي جعبته الكثير من المحفزات والاغراءات لإيران .وحتى تصل لغض النظر عن اكمال المشروع النووي الايراني لا سيما عندما تحصل الولايات المتحدة  على تعهد ايراني ان يكون البرنامج الايراني سلمياً .

وبطبيعة الحال عندما يكون  هناك توافق ( ايراني - غربي) برعاية أميركية سوف ينعكس هذا على العراق اولا ، ومنطقة الخليج ثانيا ، والمنطقة ككل ثالثا. وهنا ستعود ايران شرطيا بمنصب الشريك في المنطقة.

وبهذا سوف توجه  الادارة الأميركية ضربة استراتيجية لروسيا اولا ،والى الصين في المستوى البعيد . وعندما توافق ايران وتكون صادقة بهذا سوف يكون طريق الحرير سهلا منها نحو العراق فسوريا وصولا للبحر المتوسط فالدول الاوربية !!

وهل توجد اغراءات اكثر من ذلك !؟

#ولكن نعتقد ان الفيصل في هذا كان  هو نتائج ( الانتخابات الايرانية ) المقبلة فإذا كانت لصالح الاصلاحيين سوف تمضي الحوارات والاتفاقيات وستأخذ وقتاً .. وأذا فاز المحافظين المتشددين سوف تعود الأمور الى نقطة الصفر وسوف تعود الغيوم لتتلبد من جديد !

#ولكن الأسئلة المهمة جدا :-

١-هل ستسكت إسرائيل على هذه الهدايا المجانية لإيران بحيث تكون شريكا استراتيجيا للغرب وواشنطن وتصل للمتوسط واوربا !؟

*الجواب:- لا نعتقد سوف تسكت اسرائيل . لأن بهذا المتغير هو تعويم وبداية انهاء للدور الاسرائيلي في المنطقة !

٢- هل ستبقى روسيا متفرجة على ذهاب ايران نحو المعسكر الغربي والولايات المتحدة ؟ وهل ستبقى روسيا مكتوفة الايدي وتشاهد ايران اعطت ظهرها لروسيا اي نحو الشيطان الأكبر ؟

*الجواب:-لا نعتقد ذلك . بل سوف لن تسكت روسيا ان حصل ذلك لأنه سيكون كارثي على روسيا من الناحية الأمنية والإستراتيجية والاقتصادية والجيوسياسية . لأنه اذا قبلت ايران بذلك فهذا يعني فتح بوابة خطيرة ضد روسيا والصين ودول القوقاز وسوف تلجها واشنطن وحلفائها . وحينها سوف يتصاعد ( الخبث الروسي المعروف) ضد ايران. واول ورقة هو طرد ايران من سوريا وحتى الاطاحة بالنظام السوري ،والعمل على ادخال ايران في الفوضى الداخلية !.وهذا سوف يسهل ايضا لواشنطن وإسرائيل  باستغلال ذلك والانقلاب على ايران !

٣-هل ستكتفي بريطانيا العائدة بقوة نحو المنطقة وخصوصا الى ( العراق ومنطقة الخليج ) بالأنصياع الايراني لتلك المحفزات وتصبح شريكا صادقا للأوربيين. لا سيما وان إيران لا تكترث للولايات المتحدة والغرب ودول الخليج بقدر اكتراثها وخوفها ورعبها من بريطانيا فقط !؟

*الجواب:-

الولايات المتحدة تسابق الزمن لكي تفرض التهدئة في منطقة الشرق الأوسط ليُغادر اهتمامها الى مناطق اخرى في العالم باتت تسبب قلقا للولايات المتحدة وعلى سبيل المثال في البحر الاسود ، وبحر الصين ، وتايوان ، وأوكرانيا ، والقطب الشمالي ، والرضع  الداخلي في داخل امريكا..الخ . وبريطانيا ترى في نفسها هي اللاعب السري و الرئيسي لما حدث خلال ال ٢٥ عاما الاخيرة فجاء توقيت الخروج للعلن لا سيما وفي جعبتها سيناريو كامل ضد ايران وبثلاث اتجاهات !. وبالتالي هي من سيملأ الفراغ بدلا من الولايات المتحدة لا سيما وان امريكا مجرد الولد الشقي بإمرة بريطانيا !

#الى اللقاء في الحلقة الثالثة ان شاء الله .

سمير عبيد

٨ مايو ٢٠٢١