محاسن وعورات الدولة الليبرالية والدولة القومية في ظل الجائحة...
2021/05/07
 
151

د. مزهر الخفاجي

 

 

لقد انشغل الانسان قديماً وحديثاً ومازال...يلحُ بالسؤال التاريخي والذي يقول ؛

ترى الدولة تأسيسُ من ؟ ومعطى من؟ وهل هي حاجة   الفرد والجماعة على الارض لتنظيم شؤونها ام خيال الانسان البدائي في ضمان وحفظ وحماية استقراره البشري وقد تدرج مفهوم الدوله من مفهوم دولة المدينه ..

city state ...

الى مفهوم الدولة القوميه التي تعرف ب nation state

واذا كانت المجتمعات البشرية قد انتقلت من الحكم الاستبدادي  الفردي الى الحكم المدني المطلق ثم الى الدوله القومية والملكية والجمهورية وقدرة هذه الانماط السياسية  لتكون الدولة ومؤسساتها تحكم حكماً مهيمناً على كل مقاليد الامور سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً  ان قوة السلطة في المجتمعات البشرية حتى مطلع القرن العشرين كان تحتلها الدوله المركزية المهيمنه التي تتيح للجماعة الحاكمة ان تفرض سيطرتها القومية على مقاليد الامور ..

لقدرتها على تحديد حدود ماهو ممكن في سلوك الناس افراداً او جماعات وتحديد مقدار خطره على الدوله المهيمنه التي تجعل الناس ان لا يروا بديلاً عنها النظام الاجتماعي والاقتصادي السائد لكن ماحدث بعد الحربين العالميتيين (١٩٤٤/١٩١٤ )

قد غير من مفاهيم الدوله القوميه والدوله الامه وبين الدوله الملكية والدوله الجمهورية ...اذ انتهى منها نظام الحكم من المركزية الى التحلل الى نظام الدوله اللامركزية ...ويلعن المتخصصين  بالسياسة ان زمن الدولة المركزية ولى ...وان زمنها كاداة مفيده قد انقضى ...ويعتقد اخرون ان اتجاه العولمة وتكنلوجيا المعلومات الجديد يؤدي في خاتمه المطاف الى دولة عالمية مركزية ويرى فريق ثالث انه لايوجد تناقص بين هذين الاتجاهين اي بين مركزية الدولة وعولمتها ...لكن الاكيد ان لامركزية الدولة قد تضعف كل المرافق العامه للدولة والصناعات المؤمنه لحاجات الناس ومن جهة اخرى فانها اضعفت الحكومات المحلية واستبدلت العديد من الوظائف التي تتم عن طريق الانتخاب تعييناتها الخاصه التي تمثلت في ملكيه المصنع والمستشفى والجامعه ..ان تخلي الفرد والمجتمع ومؤسساته الرسمية عن دورهما جعل عصرنا الجديد مرهون بتجمع الشركات العابره للقارات او قل دول الشركات او قل مافيا هذه الشركات التي باتت تتحكم بأمن بلداننا الاهلي ومستقبل اجيالها وتتحكم في وحدة هذه البلدان سياسياً واقتصادياً وقد تعمل على تفككها هذا الامر لدينا فيه برهانان؛

فالدولة الايدولوجية فرضت نمط الفكر وراسمالية الدولة القوي لانتاج وتقديم الخدمات ...

فكنا نعرف مدرسه الحكومة ،وجامعه الحكومة ،ومستشفى الحكومة ومصنع الحكومة وماء الحكومة وكهرباء الحكومة وباص الحكومة وغذاء الحكومة واسواق الحكومة ...

اما الدولة الليبرالية ؛

فصرنا نجد مدرسة الدولة والمدرسة الخاصة

وجامعه الدولة والجامعه الخاصه

مستشفى الحكومة والمستشفى الخاص

ومصنع الحكومة والمصنع الخاص

ماء الحكومة وماء خاص

كهرباء الحكومة وكهرباء الاهلي ...الخ

ولكي لااتهم بالانحياز السياسي او الايدولوجي

يبدو ان انخفاض اسعار النفط وانتشار جائحة كورونا

قد كشف محاسن وعورات النمطين (الدولة الايدلوجية والدولة الليبرالية)..

فالدوله القومية الايدلوجية المركزية امثال روسيا والصين واليابان وكورياً ونوعاً ما الهند بنسبة اقل ..

 ان مصنع الحكومة ظل نشطاً يعوضها عما يستورد عند البلدان الاخرى ومستشفى الحكومة ظل مشُرعاً امام مرضاه ..فنجد ان  الحكومة في النمط الايدلوجي القومي قد صمدت امام عدد من الهزات الاقتصادية سواءً انخفاض ،اسعار الدولار  ،اسعار الذهب ،اسعار النفط

واخيراً هياج الجائحة ..ان لم نقل يقضي عليها كما في نموذج روسيا والصين واليابان ..

وقد صمدت في السياق نفسه مدارس وجامعات الحكومات الايدلوجية القومية المركزية امام تردي وتخبط وتدهور مدارس التعليم المتخصص وماء الحكومة غاب وكهرباء الحكومة غابت في تونس ولبنان والعراق...في حين صمد الماء والكهرباء في تركيا ومصر والجزائر ...

لن اطيل في استعراض حسنات وعورات الدولة القومية والدولة الليبرالية لكني...اشير الى نموذجين صدرهما لنا النظام الدولة الليبرالية المعولمة (نموذجها الامريكي الترامبي)

فحتى الديمقراطية ...نعم ، رغم التباين من تقديراتنا السياسية والايدلوجية لها فقد صمدت انتخابات الصين والهند وروسيا امام فوضى الانتخابات في الارجنتين والبرازيل والولايات المتحدة الامريكية وايطاليا وفرنسا واسبانيا ...لسنا مع الحكم المطلق ..لكننا  بحاجة الى عدم ارتكاب اخطاء النموذجية الايدلوجية المتشدد

ولا مع فرص بيع دولنا ورهن مستقبل مجتمعاتنا ...امام نموذج ليبرالي برجوازي ديمقراطي سقط في كثير من الامتحانات واهمها  توفير الحياة والحفاظ على نموذج الحرية ..ولكي لانكرر اخطائنا السابقات لانريد دولة رعويه  ...تنظر الى المستقبل بعين واحدة ولانتحزم للحياة بحزام النفط بل النفط والزراعه ..

 

 

ولكي لانكرر اخطائنا علينا ان لا نبخس حقَ اوطاننا في اختيار نمطها السياسي ديمقراطياً وعلى (الجماعة الوطنية) المعاصرة في العراق والوطن العربي ان تفحص مرجعياتها الفكرية وان تُحسن اختيار نموذج الدولة الديمقراطية القوية التي لا تتخلى عن ثوابتها في كونها المسؤولة عن تقديم نموذجها العروبي التقدمي الذي يؤمن بأن دولة العدل والمساواة لم يعد حُلماً كما نعتقد لأن خراب مشروعنا التنويري يكمن في غياب النموذج الحي للدولة العادلة في بلداننا العربية فهي حضرَت كمنطلقات النظرية وغابت نماذجها التطبيقية كفعل وسلوك وبتنا في وضعٌ لا نُحسد عليه فلهثنا باتجاه

 

 الحرية واخواتها ففرطنا بالوطن وسكتنا نصف قرن مضى حفاظاً على ابطالنا ولم نتنفس الحرية فنمى غول الدولة الاوليغاركية فمن يعيد للحرية معانيها التي تحافظ على دولتنا الوطنية القوية الديمقراطية العادلة ..

 


الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟