‹‹الولاء للدولة››
2021/03/28
 
1054

حسين العادلي

  •        الولاء للدولة من أساسيات بقاء الأمم الوطنية/الدول. وإذا ما انتفى الولاء فلا قيمة حقيقية للإنتماء الوطني، ويكون الولاء عندها انتماء (جنسية/تابعية) صورياً وليس انتماء (مواطنة/مواطنية) جوهرياً.

 

  •        الولاء لازم وجودي للدولة، ولا دولة ناجحة دونما اندكاك رعاياها بالولاء لها، سواء في التعامل مع قوانينها ومؤسساتها ومصالحها، أو في التعاطي مع التحديات الخارجية التي تواجهها.

إنَّ الولاء الوطني هو جوهر مواطنية جمهور الدولة، والماسك بديمومتها ومنّعتها وسيادتها.

 

  •        ينتج ويتكامل الولاء بدولة المواطنة الديمقراطية العادلة التي تعبّر بحق عن جميع رعاياها دونما تمييز، وتحقق مصالحهم من خلال حكم رشيد فعّال،.. ويضعف الولاء ويتآكل بالدولة الشمولية والدكتاتورية والمُبتلَعة من نخبها وأحزابها ومراكز النفوذ فيها،.. فلا نتوقع ولاءاً فاعلاً للدولة الفاقدة للعدالة والمساواة والكرامة، أو الدولة التي تصيّرها السلطات إلى قيد وسجن، أو الدولة التي تتحول إلى مرتع لأصحاب القوة والنفوذ.

 

  •        كما يتهدد الولاء بظلم وفشل سلطات الدولة، كذلك يتهدد بالمواطنية السلبية أو المواطنة الجهوية المأسورة بالهويات والمصالح الفئوية، فأهم اختبارات الولاء للدولة يتمثل بمبادئ (الإعتراف والإلتزام والمسؤولية والتضامن) بين ثلاثي (السلطات والشعب والتحديات).

ولن ينجح مشروع دولة إلّا بتبادلية الإعتراف والراعية والحماية والولاء بين الدولة ورعاياها.

 

  •        يتهدد الولاء للدولة في الأمم التي تعيش الولاءات الفرعية كولاءات رئيسة داخل الدولة، أو في الأمم الفاقدة لإمكانية التعايش بعدالة ومساواة.

إنَّ جميع الاِنتماءات الفرعية مشروعة ما لم تُؤسِّس لكانتونات الولاء على حساب الولاء للدولة، فالاِنتماءات (الهويات) المجتمعية الخاصة بالمواطنين حق طبيعي ليس للدولة محاربته أو صهره ما لم يكن على حساب الانتماء والولاء لها. ولا إزدواجية هنا في الولاء، لأنَّ الانتماء الفرعي هو تعبير عن الهوية الفرعية لمجتمعيات الدولة، تشتغل في الحيّز المجتمعي لا الحيّز السياسي الوطني، وتبقى الدولة عندها مؤسسة وطنية جامعة ومحايدة تجاه رعاياها على تنوع هوياتهم الفرعية، وهي ملتزمة بدرجة واحدة من العلاقة القائمة على أساس (المواطنة) تجاه رعاياها، لا تصادر انتماءاتهم الخاصة ولا تفرض عليهم ولاءاً محدداً إلاّ الولاء لقوانينها ومؤسستها وسيادتها الجامعة، فالولاء للدولة هنا هو ولاء للمشترك بين رعاياها (أرض/سلطات/مصالح/سيادة)، والانتماءات الخاصة للمواطنين فيما هو اِثني أو طائفي أو ثقافي هو مجتمعي خاص لا يكون على حساب الإنتماء للوطن والولاء للدولة،.. ومتى ما تم تفضيل أو تقديم الولاء الخاص على الولاء العام للدولة، أو تم فرض ولاءاً محدداً على مواطني الدولة غير الولاء المشترك للدولة، عندها ستحدث القطيعة بين الدولة ورعاياها، فيتهدد كيان الدولة الوطني.

 

  •        العصبيات العقدية والعصبويات المجتمعية والعصابات السياسية (ثلاثي) هادم للولاء الوطني، ودونما دولة غير مؤدلجة وغير منحازة، ودونما مجتمع تضامني ملتزم، ودونما سلطات تستجيب بكفاءة لمتطلبات الشعب، ودونما قوى سياسية تعي اشتراطات العمل بالدولة الحديثة، فلا ولاء وطني راسخ يشد أركان الدولة.

 

  •        كما يتهدد الولاء للدولة بالأنويات والحزبويات والهويات التي تجعل نفسها أكبر من الدولة، كذلك يتهدد بالسلطات الفاشلة والفاقدة لقدرة الضبط والإدارة، ويتهدد بتغول الجماعات عليها وتبعية بعضها للأجنبي،.. فمسطرة الولاء للدولة كما لا تحتمل الظلم والتمييز والفشل، كذلك، لا تحتمل الفوضى والتمرد وانحلال السلطات وغياب معايير الولاء.

الولاء نتاج طبيعي للدولة الناجحة، والتي هي نتاج تضامني بين السلطات والقوى والشعب.

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟