أخشى أن يتحوّل التاسع من نيسان إلى يوم يبكي فيه العراقيون على رحيل جلّادهم ..
2021/02/18
 
112

اياد السماوي

 

عنوان مقالنا لهذا اليوم مأخوذ من مقال سابق بعنوان ( في مثل هذا اليوم .. سقطت الديكتاتورية لتبدأ بعدها رحلة الفساد والموت الطائفي ) , نشر قبل ست سنوات وتحديدا في التاسع من نيسان عام 2015 بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لسقوط الديكتاتورية .. ولأهمية ما جاء في هذا المقال خصوصا بعد ظهور ابنة الطاغية المقبور في برنامج على قناة العربية الفضائية المملوكة لآل سعود , أرى من الضرورة إعادة نشر هذا المقال بالكامل أمام الرأي العام والشعب العراقي .. المقال

 

( لا زالت ذاكرة العراقيين تحتفظ بتلك المشاهد واللحظات التاريخية في ساحة الفردوس وسط العاصمة بغداد حين سقط الصنم وسقط معه أسوأ نظام دموي عرفته البشرية , في تلك اللحظات التاريخية من عمر الشعب العراقي , اختلطت مشاعر الفرح والبهجة بسقوط النظام الديكتاتوري المجرم مع مشاعر الألم من مشاهد عمليات النهب والسلب لدوائر الدولة ومؤسساتها , وكنّا حينها نلتمس الأعذار لهذه المشاهد المؤلمة وهذا السلوك القبيح , ونعتبر أنّ ما حصل من أعمال سلب ونهب لممتلكات الدولة هو ردّة فعل انتقامية على ظلم النظام وجوره , وكنّا نبشّر الشعب بأنّ هذه المظاهر سرعان ما ستزول ليحلّ محلها الأمن والاستقرار والرخاء وينعم الناس بالحرّية التي حرموا منها لعقود من الزمن تحت سيطرة البعث القذر , وحينها لم يجري في خلد أحد منّا أنّ القادمين مع دبابات الاحتلال الأمريكي سيكونون أكثر قبحا وسوء وفسادا وإجراما من أزلام البعث القذر وزبانيتهم , ولم يخطر في بال أحدنا أن ّقطعانا من الغوغاء والرعاع ستقتحم الصحن الحيدري بعد يوم واحد من سقوط الصنم لتقطّع أوصال جسد السيد عبد المجيد الخوئي في سابقة لم يفعلها إلا صدّام القذر عندما هاجم المراقد المقدّسة في كربلاء والنجف بعد الانتفاضة الشعبانية المجيدة على يد اللعينين علي حسن المجيد وحسين كامل . وما كان يخطر في بال أحدنا أنّ هذه المجاميع من الغوغاء ستتصدّر المشهد السياسي ويكونوا قادة ونواب ووزراء في النظام السياسي القادم ..

 

 

 

ثمّ لتبدأ بعد ذلك رحلة الفساد والنهب للمال العام والموت الطائفي , فلم يحدث في تأريخ الأنظمة الفاسدة وغير الفاسدة أنّ وزيرا في حكومة مؤقتة يسرق من المال العام أكثر من مليار دولار ويهرب خارج البلد من دون أن تسعى حكومة هذا البلد لاسترجاعه واسترجاع الأموال المسروقة , وكأنّ ما قام به الوزيران حازم الشعلان وأيهم السامرائي هو إيذانا للآخرين الذين تصدّروا المشهد السياسي العراقي بعد ذلك , لبدء مرحلة السطو على المال العام , فلم يحدث في التأريخ قط أنّ بلد ما قد تعرّض ماله العام للنهب والسرقة كما تعرّض له المال العام العراقي على يد حكامه وأحزابه الحاكمة , ولم يسلم أي من هذه الأحزاب والشخصيات السياسية التي تصدّرت المشهد السياسي من التوّرط بهذا الفساد والنهب للمال العام والذي لا زال مستمرّا حتى هذه اللحظة , ولست مبالغا إذا قلت أنّ الذين نأوا بأنفسهم من هذا الفساد لا يتجاوز عددهم عدد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الذين صمدوا معه في معركة أحد , وها نحن بعد اثني عشر عاما من سقوط الديكتاتورية والبعث القذر , ينحدر الوضع السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي في البلد من سيئ إلى اسوأ , فها هو الإرهاب الداعشي لا زال يسيطر على أجزاء واسعة من الوطن بدعم مباشر من دول الجوار وبمشاركة الغالبية العظمى من سنّة العراق في هذا الإرهاب , وها هو الشريك الآخر الكردي يسابق الزمن للسيطرة على المناطق التي يدّعي بعائديتها لكردستان من أجل ضمها لخارطة كردستان وتحقيق الحلم الكردي في إقامة الدولة الكردية , وهاي أحزاب شيعة السلطة مشغولة بالصراع فيما بينها على السلطة والمال والنفوذ والسرقة , وها هي أحلامنا في الأمن والاستقرار تتبّخر وتتلاشى شيئا فشيئا مع هذه التوليفة الفاسدة من أحزاب شيعة السلطة , وأخشى ما أخشاه أن يتحوّل يوم التاسع من نيسان إلى يوم يبكي فيه العراقيون على رحيل جلّادهم المقبور , لكن الأمل لا زال قائما في تلك الفتية التي آمنت بربها والتي تقاتل الإرهاب الداعشي وتضرب مثلا في البطولة والتضحية من أجل العقيدة والوطن , لإعادة أحلامنا في الحياة الحرّة الكريمة ) ….

 

هذا نص المقال الذي كتبته ونشرته في وسائل الإعلام قبل ستة سنوات .. وها أنا اياد السماوي أقولها بكل مرارة وألم أنّ ( أخشى ما أخشاه أن يتحوّل التاسع من نيسان إلى يوم يبكي فيه العراقيون على جلّادهم ) .. أقول قولي هذا وإنا لله وإنا إليه راجعون ..


الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟