حقبة ترامب: واقعية فوضوية وانقلابية مُشرعة اليدين !
2021/01/11
 
263

نجاح عباس رحيم

تشهد الألفاظ الجزلة التي ادانت ترامب ونطقت بها مجموعة الرؤساء والنواب وموظفي البيت الأبيض اثناء هجوم سلالة جديدة من أنصاره على مبنى الكونغرس الأمريكي, أن فصلآ انقلابيآ على الديمقراطية بدأ منذ توليه للرئاسة ولغاية لحظة هجوم هذه السلالة التي انجبتها سياسته .
هذه الألفاظ تؤشر بشكل ضمني عن رفض للواقعية الفوضوية التي جاءت بها حقبة ترامب وانتهت الى التمرد ضد المؤسسات المدنية والديمقراطية , كما تحفّز على ان هذا الفصل كان يتمتع بفكر مرتد غير مرتبط بالإذعان للديمقراطية وخاصة في موضوعة الأنتخابات فكيف إذن بالقرارات السياسية التي اتخذها وخاصة اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وبمرتفعات الجولان السورية المحتلة وخروجه من الأتفاق النووي الإيراني ,


وإلغائه لقانون اوباما للضمان الصحي معتبرآ نفسه اكثر وعيآ منه بل واعظم من قادة الدول المشاركة والموقعة على هذا الملف , وإنسحابه من معاهدات الأسلحة النووية المتوسطة مع روسيا لزعزعة الأستقرار العالمي , ومن معاهدة باريس للمناخ , ومنظمة اليونسكو دعمآ للكيان الصهيوني فضلا عن حروبه التجارية مع الصين ومشاكساته لها في مجال التعريفة الكمركية ,
وآخر اعمال واقعيته الفوضوية انتهاك السيادة العراقية من خلال قصف مواقع الحشد الشعبي من قبل الكيان الصهيوني بإعطائه الضوء الأخضر لذلك , والتخطيط لقتل قادة الحشد الشعبي التي لا تنسجم بأي حال من الأحوال مع الديمقراطية من ناحية ولا مع التعهدات بإلتزام بلاده بها امام العالم ولا ترتبط بالقيم والأخلاق بشي من ناحية اخرى .


واكثر ما كان يفكر به ترامب هو إعلاء كنهه الفوضوي ID , إذ لم يراع المنطق والواقع السياسي الذي ورثه عن اسلافه او يخضع للأنا التي تدعو الإنسان الى ان يكون متحكما بغرائزه وبقراراته التي يجب ان تكون دائما بصور منطقية تتناسب مع واقع المجتمع ,
وما هجائياته على اعضاء ورؤساء الحزب الديمقراطي والتقليل من شأنهم وتقبيح كل قراراتهم السياسية وإلغائـــها وهجومه على الصحف والإعلام الأمريكي ليل نهار وعقد صفقات بيع الاسلحة التي لم ير منها حكام الخليج شيئآ يغنيهم سوى إدامة دعم الولايات المتحدة للحرب على اليمن التي ارتفعت فيها الضحايا من النساء والاطفال وغض الطرف عن جريمة عدنان خاشقجي , إلا امثلة جرت بالذي تهواه نفسه المريضة بشكل واضح .
الجدير بالذكر أن تأثيره على البعض من سفهاء العرب وإنصياعهم لهذه الواقعية الفوضوية وإغوائهم ليندفعوا نحو التطبيع مع العدو الصهيوني ليبسِّق شأن مشروعه العنصري على حساب الحق الفلسطيني وشعبه المشرّد , ماكان ليتم لولا التهديد وإثارة الرعب في نفوسهم وإستغلاله لضعفهم وتشبثهم بالسلطة الوراثية التي لاتصمد اسبوعا واحدا من دون حمايته على حد قوله وتستره بالقوة العسكرية الأمريكية كدولة عظمى وتجاسره على إقرار تلك الأفعال القبيحة التي التقطتها فحسب هيئة الأمم وجميع الدول التي تدعي الأخلاق وعدالة الشرعية الدولية بلا ادنى تنديد او شجب ملموس على الأرض .
ولكي لا تكون الادارة الجديدة بقيادة جو بايدن لهذه الحقبة من قرارات ترامب صدرا فحسب تتحمل فيه اعباء ما اجتهد به من فساد مُشرع اليدين , اوآذانا صماء لما صرّح به من اراء ضد عملية سير الانتخابات وما قام به من اشعال لنار الفتنة بين افراد الشعب , ثم تطوي هذه الصفحة السوداء من دون ان تلوّح لهذا المرتد والمتمرد الفوضوي بيد القانون التي تعاقبه عن كل ما اسرفت به يداه من نزعات تسلطية بلا ادراك او حذر من المعطيات التي تخلفها على المجتمع الامريكي ومصالحه الفردية والجماعية أوعلى علاقاته مع العالم , وتزيل كل قراراته التي اقرّها بعيدا عن العدل وإنصاف الشعوب لتصح الديمقراطية من داء ترامب وتلقى الترحيب من العالم .
اما السكوت عن عزله لما تبقى من فترته الرئاسية بلا سبابات اتهام بحجة ان إقصائه أو محاكمته يتسبب في إنقسام الشعب الأمريكي , فهذه كذبة وتضليل من اركان نظامه لكي لا تتصدر صورهم الصحف , ونصرة وإقرار لمكاسبه غير المشروعة وموت للديمقراطية التي اورثته القوة التي بدورها اعطته كل مايشجعه على الفوضى ولم تنل منه سوى الرفض لتقبل واقعها السياسي السائد الذي ورثه عن اسلافه والتحريض على ايقاف عجلتها من خلال اقتحام صرحها على يد موجات من انصاره والعبث بموجوداته وقتل موظفيه , كأنه يكافئها بالضعف والهوان والنهاية المميتة .
ان الواقع الذي خلفه ترامب بكل كوارثه ووحشيته وصلته بذاكرة العالم لايمكن البرء منه والشفاء من اوجاعه إلا بإزالتة مع كل منجزاته المنحرفة والعودة للواقع السائد قبل توليه السلطة ومن دون ذلك فان العالم لايمنع من عودة قادة بمواصفات ترامب او نتنياهو ليتأبطوا تأريخ الشعوب لينشأ كنهآ جديدآ يتلقفونه لبناء عالم اجوف بعيد عن العقل الواعي بصورتافهة تحتل جدران الحياة , أو نواة لعالم مجرم ولد من رحم هؤلاء الفوضويون القتلة .

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟