القاضي حسن حسين جواد الحميري

 

الجزء الاول
 قبل المباشرة بالدراسة الثانوية بعد انتهاء الدراسة المتوسطة صدر قرار بان تكون الدراسة الاعدادية لمدة ثلاثة سنوات بدلا من سنتين.. فبعد ان كانت هذه الدراسة مدتها سنتين هي الرابع الثانوي بصنفيه العلمي والادبي والخامس الثانوي بصنفيه ايضا حيث كان التخصص العلمي والادبي يحدد فور الالتحاق بما يرغب به الطالب من تخصص ادبي او علمي.. في هذا القرار الذي صدر في العام الدراسي ١٩٧٠-١٩٧١ اصبح هناك الصف الرابع العام حيث يدرس الطالب الدررس العلمية والادبية ومن ثم يبقى الاختيار لدية بعد النجاح منه الي الصف الخامس العلمي او الصف السادس العلمي فلا اجبار علي اختيار احد من الفرعين الادبي او العلمي والامر متروك لرغبة الطالب.. اي اصبحت مدة الدراسة الاعدادية ثلاث سنوات بعد ان كانت سنتين.. ومن منافع هذا القرار للدولة هو منحها سنة اضافية في عدم تحمل مطالبات التعيين من قبل الخريحين وكذلك زيادة المستوي العلمي للطلبة... 
اخذ اعداد زملائي في الدراسة بالتناقص منذ ان التحقت بالصف الاول الابتدائي لاسباب كثيرة... منها اعتياد الاطفال علي حياة اللهو وعدم تعودهم على العيش ضمن مجتمع مدرسي تكثر فية الضوابط والالتزامات والواجبات المدرسية.. اضافة الى العنف الذي كان يستخدم من قبل الاساتذة اتجاه الطلبة وعدم استخدام الطرق العلمية في الادارة المدرسية... وعدم وعي وادراك اولياء امور الطلاب للفوائد المرجوة من التعليم.. وعدم تحقيق التعليم  نتائج مادية ملموسة كما هو الحال في القطاعات الخدمية الاخري اذ يستوجب الامر الي عدد كبير من السنين لتثمر نتائجه..  كذلك الكساد الاقتصادي الذي كان يمر به البلد.. لذلك ما ان اصبح الكثير من زملاء الدراسة يقراء ويكتب او اصبح في الصف السادس الابتدائي.. وفي الغاية القصوى عند عبورهم الصف السادس الابتدائي او رسبوبهم فيه عند ذاك تجد اولياء امورهم حريصون على ادخالهم الجندية... وقد صادف في هذة الفترة وهي انهاء الدراسة المتوسطة ان التحق اغلب زملائي بمركز التدريب المهني الذي كان يمنح رتبة نائب ضابط مع تخصص في جميع المجالات التي يحتاجها الحيش من الكهرباء  الي البناء او النجارة او الاتحاق في صنف المخابرة  او الدروع وغيرها كثير.... لم يبق معي في الدراسة الثانوية من ابناء قريتي احدا... فاخذت اعتمد على نفسي في الذهاب والاياب وهو امر تدربت علية ايام المتوسطة ولم يعد غريبا على... 
كانت من دروس هذا الصف الرياضيات التي كان يقوم بتدريسها الينا الاستاذ طارق الشيخ وهو من النوابغ في علم الرياضيات وعلمت  انه اكمل دراسة الدكتوراه في مجال اختصاصه.. كذلك من الدروس فيه الكمياء وكانت تدرس من قبل احد الاساتذة ويدعي نجاح ومادة الاحياء التي كانت تدرس من قبل استاذ من اهالي بغداد كذالك اللغة العربية والانكليزية والتاريخ والحغرافية والتربية الدينية والوطنية.. كانت الدراسة في هذا الصف لاتختلف كثيرا  عن الدراسة في الثالث متوسط خاصة في الدروس العلمية حيث السائد هو الجانب النظري وانعدام الجانب التطبيقي او العملي.. هناك جانب اخذ يبرز بقوه في المدرسة بعد ان كان ضعيفا في الدراسة المتوسطة ولايشعر بوجوده وهو دور الاتحاد الوطني للطلاب...فاخذ يتزايد دور اعضائه في التاثير على النشاط العلمي للاساتذة من حيث عدم المعارضة بخروج الطلبة في المظاهرات والانششطة الحزبية الاخرى وكانوا عينا للسلطة في المدرسة.. وكان من نتائج ذالك ان اخذ الاساتذة بالتساهل مع اعضاء الاتحاد في الواجبات المدرسية.. كذالك تصاعد تاثير اعضائة علي الطلاب  بعد ان لم يكن محسوسسا سابقا..... محاوليين كسب الطلبة واغرائهم بالانظمام لحزب البعث.. ويبدو ان هناك توجيهات يتلقاها القائم بالكسب الحزبي بالتحرك على الزملاء واقناعهم بالانضمام.. ومن هذه المكتسبات التي يذكر بها هي الاعتراف بدولة المانيا الديمقراطية.. حيث كان الاعتراف بهذه الدولة مكسبا!!!!! ..وقد كنت احد الطلبة الذين تم التحرك عليه في هذا الجانب.. الااني اعتذرت وبقيت علي هذا الراي حتي تجاوزت المرحلة الثانوية..
كان من الدروس العلمية الذي ترك في نفسي اثرا هو كتاب الاحياء.. وكان يحتوي بين دفتية فصلا يقع في ثلاثون صفحة تتكلم عن المتحجرات.. كان هذا الفصل قد حذف من الكتاب بناءا علي توجيهات من وزارة المعارف او التربية انذاك.. وقد دفعني الفضول الى قراءة هذا الفصل وطلعت من خلاله ان الحياة على ظهر هذا الكوكب قد ابتدات من ملايين السنين وهناك مخلوقات كبيرةالحجوم مثل الديناصورات كانت بانواع واحجام مختلفة تعيش علية بحيث ان حجم الانسان الحالي بالنسبة اليها كان من الضألة.. وببدو ان هناك تغيرات مناخية طرات على وجه الارض كسقوط نيزك كبير الحجم قوتة تعادل قوة عشرات القنابل الذرية التي وقعت علي هروشيما قد ادت الى  انهاء حياة تلك الانواع وبدا ظهور انواع احيائية جديدة... 
كذالك من النظريات التي اثرث في اسلوب تفكير الطلاب هي نظرية مندل للوراثة.. وكون مندل هذا كان قسا في احد الكنائس وكان يجري تجاربة علي انواع البذور والنباتات انتج اجيال متتالية قد لاحظ التغيرات التي طراءت عليها بما مكنه من التاكد من صحة منهجه بالبحث وصحة مقرراتة.. كان قانون مندل ثورة في عالم الوراثة  والتعرف على الكروموسونات وعددهاوهو الذي مهد لاكتشافات الحامض النووياي الدي اي ان وتطابق الانسجة والبصمة الوراثية..
كان المثير في درس الجبر هي تلك المعادلات المطولة والتي كان الاستاذ طارق الشيخ متميزا في تسهيل هذه المعادلاتالمعقدة.. بل كان يبتكر طرقا جديدة وضمن المنهج للوصول للحل الصحيح..
كان موضوع البلاستك والنايلون والاسفنج وكون هذة المسميات هي من المواد التي تكون جزءا من النفط الخام عند استخراجه و كانت من المواضيع الحديثه والتي كانت تثير فضول الطلبة.. ولم يكن انذاك استخدمها منتشرا ومعروفا... كان استعمال الاكياس الورقية هو السائد وكانت تقوم بتوزيعه علي المحلات وخاصة محلات العطارين سيارات تابعة لاصابع معامل انتاج الاكياس الورقية..منها معمل السالم وهو يعود لاحد العوائل الثريةالمعروفة في مدينة الحلة.
. وكان من مميزات الاكياس النايلون على غيرها من الاكياس الورقية هي عدم تاثرها بالرطوبة التي تؤثر تاثيرا سيئا علي الورق اذ يتمزق اثر تبلله بالرطوبة مما يكون مدعاة لتلف المادة التي كانت محفوظة فيها وتساقطها وتبددها وتلفها.. الاكياس النايلون لها فائدة اخري وهي امكانيتها للتعليق باليد او علي الدراجات الهوائية اضافة الى رخص ثمنها..
لم يكن يعرف انذاك هذا الاثر السئ لمادة البلاستك الا في السنوات الاخيرة.. حيث تبين انه يسب امراضا سرطانية خطيرة وهو لايتحلل بسرعة.. واذا كان الانسانية قد مرت بعصر الفخار بعد اكتشاف صنع الاواني والطابوق من الطين المفخور والذي ظلت اثارة منذ الاف السنين ولحد الان شاهدا علي الحضارات القديمة لعدم استطاعة تحلله فيمكننا ان نسمي هذا العصر الحديث بعصر البلاستك لعدم امكانية تحلله الا بعد ملايين السنين..
بعد الثورة الصناعية كانت المواد في الغالب تصنع من الحديد والنحاس ومن ثم الالمنيوم وقلما تجد مادة مصنوعة لم تدخل فيها هذة المواد الثلاثة.. اما الان اخذت صناعة البلاستك المقوي تدخل في صناعة للسيارات والطائرات وغيرها من الننتوجات الصناعية..
كان درس الكمياء من الدروس التي نبذل الكثير من الجهد من اجل فهم مادتها.. وكانت الالكترونات والنيوترونات  والبروتونات.. والتكافؤء الذري.. واشعة كاما وبيتا والاشعة السينية تثير اهتمام الطلبة في محاولة فهم كنهها خاصة انها كانت فقط تلقى على مسامع الطلبة عن  طريق الدروس النظرية..
كذلك فيما يتعلق بمادة الفزياء التي كان مدرسها من الجمهورية العربية المتحدة( جمهورية مصر العربية حاليا) وسرعة الضوء الخارقة وعمل التوربينات والتيار المناوب والمغناطيس ونظرية ارخميدس التي يزيح الجسم بمقدار حجمه من الحيز الموجود فية.. ونيوتن وتفاحته التي اكتشف من خلال ملاحظته لسقوطها للاسفل نظرية الحاذبية الارضية.. ونظرية باسكال والاواني المستطرقة.. وحالات المادة من غازية وسائلة وصلبة وحالة التسامي التي تمر بها احيانا من الصلبة الى الغازية دون المرور بالحالة السائلة.. والقدرة والمسافة والسرعة وغيرها كثيرون من المواضيع التي اثرث في ادراكنا لمحيطنا ووضع بعض الاجابات لما يدور في اذهاننا من تساؤلات في تلك الاعمار الربيعية والاجسام الفتية والعقول المتحفزة للاطلاع على كل ماهو جديد ومحاولة ايجاد الحلول لاستفهامتنا لما نشاهدة من حالات تثير فضولنا   فنبادر اساتذتنا بالسؤال عنها لنلقى عندهم الجواب الكافي والشافي..