هل صدق جيمس بيكر !!
2020/09/28
 
2298

حسين الذكر

 

في لحظة قهر واحساس بالمسؤولية اضطررت لوقف سائق الستوتة المملؤة بالانقاض والازبال وهو يقتحم الشارع العام بسرعة مجنونة وتهور اعمى أدى الى تطاير الاتربة وسقوط الحجارة والازبال بوسط الميدان العام من تلك الستوتة الشبيهة بالسيارة لكنها ليست سيارة ولا يعاملوها على نظام المرور .. فقلت له : ( يا ابني لم تمش سريعا وتحمل اكثر من طاقاتك .. انت تهدم البنية وتشوه البيئة وتحطم نفوس العراقيين اكثر مما هم فيه ) . بعد ان سمع كلامي شزرني بغضب والنار تلتهب في عينه فقال : ( أولا تصورت انك ستستاجرني .. وثانيا لو لم تكن رجل كبير لعلمتك كيف تكون البيئة ) .  قطعا اني سكت وحوقلت وسلمت امر العراق الى الله ، لا خوفا من هذا الامي الذي اركبوه عجلة وشوهوا أفكاره ووظفوه بقسوة ودور تخريبي وان لم يعلم بذلك تحت عنوان لقمة العيش بطريقة شرسة اقرب للهمجية منها للحضارة ..

 عدت للبيت مكسور الخاطر وادرت محطات التفاز واذا ببعض المواطنين باطراف العاصمة يشكون تلال الأنقاض والازبال المحيطة ببيوتهم .. اذ قال احدهم بالمباشر والمليان : ( يا اخي لأول مرة نسمع ونرى الذئاب على تلال الأنقاض المقززة ) .. وقد تذكرت رواية احدهم  وهو يسكن  باطراف حي المنصور بما يحمل من رمزية ومركزية وما فيه من خدمات وقد تحدث عن ظهور حيوانات لم تعرف من قبل تشبه ( الثعلب والواوي واوب الحصين ... ) تدخل البيوت وتخطف الدجاج والطيور ..

على ذات النسق والموال اخذني صديقي للاطلاع الميداني لبعض الازقة والبيوت المبنية فيما يسمى بالزراعي بعد ان ضاعت مقايس الأمانة والبلديات واختلط الطابو بالزراعي بالتجاوز .. فقد تداخلات المفاهيم السكنية والعمرانية بشكل مهول لا يمت للحضارة والتخطيط بصلة ولا يعد جزء من حلول مؤسساتية بقدر ما هي حاجة مواطنين رماهم الدهر والعقود والحروب والحصار والإرهاب والفساد والإهمال بهذا الحال والمستنقع الاسن ..

تمشيت قليلا حتى دهشت من بؤس الحال وكثرت الازبال بتلال يراها حتى الشيطان فيما عمت عنها عيون المسؤولين وهي ليست نتاج اليوم بل تمثل تراكم حروب وفساد وخراب سنوات خلت .. وقد سالني احد الساكنين بعد ان تعرف علي عن حال رياضتنا : ( أستاذ هم يات يوم يوم تعود رياضتنا لمسارها الصحيح ) . فقلت له .. ( متى ما تعود مركزية الدولة ويحس المسؤول بحال المواطن وتخصص الأموال لخدمة الناس لا لجيوب العصابات والمجرمين والفاسدين .. وتبدا البلدية بتطبيق فلسفة الترفيه الخضراء لتهيئة المساحات وزرعها لا خمط وبيع الاراض تحت عناوين فسادوية بحتة .. عتند ذاك ممكن لرياضتنا ان ترى النور ) .

وسط الخراب وبؤس حال المواطن البادية عليه علامات المرض والاستسلام والكآبة اليأس وفي وقت يتمتع المسؤولون بمزايا وتخصيصات وصلاحيات امبراطورية مطلقة  .. هنا تحديدا .. تذكرت الاجتماع الذي عقد بين طارق عزيز وجيمس بيكر وزير خارجية أمريكا في جنيف قبل اندلاع حرب الكويت عام 1990 والذي نقل بيكر لعزيز رسالة مفادها : ( اذا دخلتم الحرب ولم تنسحبوا سنعيد العراق الى عصور الظلام والجاهلية ) .. حدث ذلك فعلا وفهمنا فحوى الرسالة الاجرامية تلك .. لكن ليس بالدبابات والطائرات والصواريخ حتى المحرمة منها فحسب – لكان ذلك اهون – بل بتسليط الاجندات وفرض الحكومات وغير ذلك الكثير .. مما حقق نبؤة بيكر او بالأحرى الأهداف الغربية في العراق .

نفاخ

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟