لماذا القوى السياسية المتحاصصة ترفض المحاصصة ؟
2020/09/17
 
276

علي عرمش شوكت

معارضة المحاصصة من قبل اصحابها، ما هي الا خرافة ومفارقة تدعو للاستغراب في الوهلة الاولى قبل ان تُكشف الحقائق الطاعنة التي ليست مخفية بقدر ما انها خاضعة لحالة من التستر الماكر، لما لها من خطورة اذا ما ازيحة عنها غطاء فرسانها، الذي لا يعدو عن كونه " ورقة توت " يابسة ليست بمقدورها البقاء امام رياح التغيير العاصفة المتمثلة بالانتفاضة المتواصلة حتى قلع المتسترين ذاتهم .ومن باب التأكيد على الدلالة توجب ان نعود الى حكاية رفض سابقة تتشابه مع ما يجري اليوم .. فحينما اقدم السيد رئيس الجمهرورية " برهم صالح " على تكليف السيد "عدنان الزرفي" لتشكيل الكابينة الوزارية دون اخذ رأي القوى المتسلطة قامت الدنيا ولم تقعد. الى ان تخلى السيد الزرفي عن المهمة.

اليوم تتكرر " الدراما " الخائبة. ولكن هذه المرة باكثر مرارة على المعترضين حيث انهم غير قادرين على الغاء تعينات السيد الكاظمي للدرجات الخاصة. لكونها قد جاءت ضمن صلاحياته ومحمية بـ " صفة الوكالة " التي بمنأى عن مصادقة البرلمان، الذي هو مضروب بلوثة المحاصصة ايضاً. اما ما اقدم عليه السيد الكاظمي من تعينات متلبسة برداء المحاصصة، غير انها بعيدة عن استشارة الكتل المتنفذة بتكليف بعض منتسبيها، ومن هنا جاءت الاعتراضاتها متسترة بذريعة لا تمت بصلة لمنطلق الرفض. وهنا تتجسم شراهة هؤلاء ومدى تشبثهم بالسلطة والنفوذ والفساد. فاذا كانوا يسمونها محاصصة اذن مع من تمت ولماذا ظهرت معارضتهم وهم طيلة سبعة عشر سنة ينعمون بامتيازاتها. ناهيك عن ما ازتفزهم حقاً في تخطيه للخطوط الحمر في امر التعيين ضمن الاجهزة الامنية من طائفة ثانية ؟؟

وما يعزز هذه الواقعة فانه في ذات الوقت، لم يجرؤ السيد الكاظمي في صولته على الاستعانة باصحاب الايادي البيضاء والعلمانيين وهم كثر من القوى المدنية الديمقراطية وغنيون في الكفاءات العلمية. ولكنه اصر على حصر اختياراته قطعاً من بين اوساط القوى الاسلاموية وحواشيها المتسلطة طالما هو يدعي بأن خطواته تستهدف محاربة الفساد واجتثاث المفسدين ؟! . اذن هو قد قصد تدوير الاشخاص من صلب ذات الانتماءات. متصوراً، هكذا يبدو طبعاً، قد يوفي بمطالب الجماهير التي تدعو لتغيير الوجوه الكالحة الفاسدة من ناحية، وتحقيقاً لرغبة الكتل المتسلطة من ناحية اخرى. وذلك بعدم الخروج عن السيناريو الذي رسمته لمسيرته و اختصار مهمته بفترة انجاز " عملية اخراج القوات الامريكية والانتخابات المبكرة و اعادة هيبة الدولة" وهذه الاخيرة تعني لديها قمع المتظاهرين. كهدف معاكس لمطلب الشارع المنتفض بمحاسبة قتلة الثوار المتظاهرين. ويظهر ان السيد الكاظمي قد اراد من جانب ثالث ان يكسب رضا الاوساط السياسية في المناطق الغربية بتحقيق مطلب طالما تنادت به وهو خلق توازن في القرار الامني. وهذا ما تبين بتعيين اشخاص من كتلهم في الاجهزة الامنية مثل " خالد العبيدي في المخابرات وفالح العيساوي في جهاز الامن الوطني" ومن دون هذه الفرصة كان من غير الممكن ان يقدم على هذا الامر.

على اي حال فان السيد رئيس الوزراء واقع بين مطرقة المنتفضين وسندان الكتل المتسلطة التي وافقت على توزيره، ولا يفسر خضوعه لارادتها لغير هذا السبب. الا انه قد بات متناسياً ان الذي جاء به الى هذا المقام هو ضغط الانتفاضة التي اسقطت سلفه الفاشل القاتل عبد المهدي، واجبرت المتحكمين على التنازل وتعينه بهذا المنصب. ومن نافلة القول ان زخم الانتفاضة هو الذي سيبقيه اذا ما احسن الاداء وتحقيق مطالب الجماهير، وهو الذي سيسقطه حينما يبقى تحت خيمة الكتل المتسلطة. . لنرى غداً والغد لناظره قريب.

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟