السياسة الخارجية للعراق.. بين العقلانية ورد الأعتبار.. الموقف من العدوان التركي.. أنموذجآ ....
2020/08/12
 
58

بقلم الدكتور سعدون الساعدي 

 مما لاشك فيه أن نجاح السياسة الخارجية لأي بلد من بلدان العالم المختلفة تعتمد على ثلاث مقومات أساسية ، واقصد بها القوة العسكرية والقوة الأقتصادية والقوة الناعمة، وقد يمتلك بلد القوة العسكرية ومثالنا على ذلك إيران، وآخر يتفوق اقتصاديآ كما هو الحال للمملكة العربية السعودية، في حين هناك من يملكها مجتمعة مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

وطيلة المدة التي سبقت حكومة الكاظمي كانت السياسة الخارجية العراقية قد فقدت تقريبآ المقومات الثلاث تقريبآ ،فالقوة العسكرية انهارت بعد احتلال داعش للعراق، بينما الفساد الأداري والمالي قد أجهض على قوة العراق الأقتصادية بالرغم من مئات المليارات من الدولارات التي دخلت خزينة العراق من العائدات النفطية ... بينما القوة الناعمة أختفى أثرها تقريبآ بعد تدخل الكتل السياسية بالسياسة الخارجية للعراق.

فؤاد حسين والقوة الناعمة

قبل ثلاثة أشهر  تقريبآ تسلم الدكتور فؤاد حسين حقيبة الخارجية للعراق ، في ظل متغيرات عاصفة شهدها المجتمع الدولي والتي أثرت على العراق سياسيآ واقتصاديآ،أذ أنهكت جائحة كورونا وانخفض اسعار النفط مقومات العراق العسكرية والأقتصادية لتسمح لتركيا أن تعبث بحدود العراق من خلال عمليات التوغل والقصف المستمر للمدن والقرى الحدودية في شمال العراق وخاصة القصبات والقرى في اقليم كردستان.

كان وزير خارجية العراق يعلم بحقائق الجغرافيا السياسية وحجم  التفوق تركيا العسكري والأقتصادي، لذلك سلك طريق القوة الناعمة مع ملفات المنطقة بما فيها الملف التركي ،فقد أعتمد سياسة خارجية تتسم بالعقلانية والوضوح ،فهو لم يستخدم عبارات التهديد والوعيد في رسم سياسة العراق الخارجية وانما دعى ومنذ الأيام الأولى بأن العراق لايؤمن بسياسة المحاور ولا التخندق وإنما الى التوازن والأستقرار ، ولكي تاخذ السياسة الخارجية التي دعا اليها فؤاد حسين طريقها للمجتمع الدولي كان تعامل وزارة الخارجية مع الأعتداء التركي الأول في ظل اطار هذه السياسة ،من خلال استخدام الطرق الدبلوماسية والتي تمت من خلال استدعاء السفير التركي في بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج مذكرآ بحجم التبادل التجاري بين انقرة وبغداد.

سياسة رد الأعتبار

يبدو أن تركيا قد فهمت رسالة الود والعتاب التي ابداها العراق من خلال تعامله مع الأعتداءات التركية السابقة، ولم تفرق بين الدبلوماسية  والأذعان، لذلك كان رد وزارة الخارجية على قدر المسؤولية عندما صعدت الموقف مع تركيا من خلال الأستدعاء الفوري للسفير التركي والغاء زيارة وزير الدفاع  التركي  المقررة  يوم الخميس الى بغداد .

لم تقف ردة فعل وزارة الخارجية عند هذا الحد وإنما دعت الى أعادة النظر في العلاقات التجارية مع تركيا في ظل أزمة أقتصادية تركية والتي تمثل السوق العراقية أحدى الحلول للتغلب عليها.

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟