«نظامنا السياسي، وثلاثي التحكم والحماية والمصلحة»!!
2020/03/31
 
93

حسين العادلي

تقوم بنية نظامنا السياسي (خلافا حتى لدستور 2005م) على اساس من التوافق المكوّناتي (العرقي/الطائفي/الحزبي)، وهنا الطامة.

فبنية النظام تعطي (الاعتراف/التمثيل/الاستحقاق) للمكوّنات وقواها، حيث تعد الدولة لديه مجموع مكوّنات عرقيةطائفية (اي ليست امّة مواطنة، بل تكدس امم فرعية)،  لابد لها من إطار توافقي يقسّم السلطة والثروة (والتعابيرالسيادية) على وفق هويات ومصالح المكوّناتولضمان التوازن بين المكوّنات يتم توزيع السلطات والمصالح بصفقاتتوافقية تشكّل ائتلافاً حاكماً من جميع المكوّنات الداخلة في تركيبة الدولة (لا معارضة)

يُولّد نظام «المكوّنات» ثلاثي: «التحكم والحماية والمصلحة»،.. فستتحكم سلطة المكوّن بدولة الأمّة، وستتحصن المكوّناتبسلطاتها لحمايتها ضد المكوّنات الأخرى، وستحتكر المكوّنات المصالح، وستتحكم قوى المكوّنات السياسية بالمكوّناتالمجتمعية نفسها لتشكل وإياها وحدة واحدة في أنظمة التمثيل والتبعية والمصلحة النهائية.

تنتج عن هذه البنية سلسلة معقدة ومتداخلة من الأنظمة التي تتحكم وتسيطر وتحتمي بالدولة ضد الدولة لتحقيقمصالح المكوّنات، تقودها مجموعة قوى سياسية تدعي وتشتغل لتمثل مكوّناتها العرقية الطائفية، والتي ستكون فيالنهاية هي المستفيد من هكذا نظام لما تراه وترتأيه هي من مصالح،.. وبالتراكم والتقادم ستجد المكونات المجتمعيةنفسها أسيرة هذه الشبكة المعقدة والمتداخلة من الصراعات والمصالح والتي تقتضي الحماية من القوى السياسية الممثلةلها ثم التوجيه فالتحكم بها على أساس من كونها محميات سياسية مجتمعية!!.

لأنَّ النظام التوافقي المكوّناتي يقوم على أساس من مقاطعات عرقية طائفية تجعل من المكوّن أساس بنائها، فستتشكلبالتبع «محميات» سياسية مجتمعية يحرسها الإعتراف بالمكوّن ويحقق استقلالها المصالحي نظام الحمايةومع قيام«المحميات» ستتحوّل الدولة إلى نظام الدويلات المقنّع والذي تمارس فيه السيطرة والتحكّم القوى السياسية المعبّرة عنالمكونات المجتمعية،.. وباعتبارها قوى مكوّنات، فإنها وبالتبع ستحتكر التمثيل المجتمعي السياسي، وستطالببحصصها بالسلطة والثروةوالمعادلة التي ستنتج هي: دولة موزعة على شكل «محميات عرقية طائفية»، وقوى سياسيةممثلة للمكوّنات ومستفيدة من أنظمة «الإعتراف والتمثيل والحماية» لتحقيق المصالح، فتغدو الدولة بالمحصلة هي دولة«قوى المكوّنات» من خلال امتلاكها للسلطة والثروة.

المكوّن والتوافق هما أداتا القوى السياسية العرقطائفية لحماية نظام المصالح، خلافاً لمبدئي المواطنة والأغلبيةالسياسية في النظام الديمقراطي، إذ أنَّ المواطنة لا تساعد ذاتاً القوى السياسية على التمثيل الإحتكاري للناخبين،فالمواطنة تعطي القوى السياسية حق التمثيل السياسي وليس حق التمثيل العرقي الطائفي، والمصالح في عرفالمواطنة تتحقيق وفق قاعدة «المواطن/الخدمة» وليس «المكوّن/المصلحة»،.. إنَّ التمثيل على أساس من المواطنة هو تمثيل«سياسي خدمي» وليس تمثيلاً سياسياً مكوّناتياًكما أنَّ مبدأ الأغلبية السياسية في الديمقراطية يمنع القوىالسياسية من تكوين البنية/الكتلة الإنتخابية أو البرلمانية العرقطائفية بل يشكّلها على أساس من التوافق السياسيالبرامجي الصِّرف،.. في حين أنَّ نظام التوافق العرقطائفي هو نظام تمثيل «الفرد/الطائفة/المصلحة» على وفق اشتراطاتدولة المكوّنات.

لا جدوى من إصلاح النظام السياسي ما لم يتحرر اولا من أسر «نظام المكوّنات» القائم على أساس التمثيل والتّحكموالسيطرة بمجتمعيات الدولة،.. ولا وحدة وحيوية وسيادة للدولة الّا بقيام نظام سياسي وطني يستند إلى التمثيلوالمصلحة لأمّة الدولة،.. لا جدوى من التغيير إلاّ بكسر قالب التوافق المكوّناتي الحزبي الذي شظى وحدة الدولة وشرعنابتلاعها،.. 

معركة الدولة تكمن باستعادة نظامها السياسي الوطني.

الاستبيان
برأيك ايهما افضل؟